عليها، وذاك لأن الكلام في حمد من يُحمد، وذم من يُذم، إن نُمِّق تنميقاً دَخله التزَيُّد، والمتزيّد مَقْليّ، وإن أُرسل على غراره شانه التّقصير، والمقصّر مُعجَّز؛ ولأنّ يدخله التقصير فيكون دليلاً على الإبقاء، أحبُّ إليّ من أن يدخله التزيد فيكون دليلاً على الإرباء؛ على أنّ من وصف كريماً أطرب، ومن أطرب طرِب، والطّرب خفّة وأريحية تستفزّان الطباع، وتُشبِّهان الحصيف بالسخيف؛ فأما من حدّث عن لئيم فإنّ أساس كلامه يكون على الغيظ، والغيظُ نارُ القلب، وخبث اللسان، وتشنيع القلم، فكيف الإنصاف في وصف هذين الرجُلين على هذين الحدّين، مع سَرف الهوى، ووقان الغيظ، وعادة الجوْر، وداعية الفساد، وصارفة الصّلاح؟ وهذه أعراض لا محيص منها ولا أمان من اعترائها، ولا واقي من تعاوُرها، وبعض هذا يهتك سِتر الحِلم وإن كان كثيفاً، ويفتق جيب التجمُّل وإن كان مكفوفاً، ويُخرج إلى الجهل وإن كان يُقبّحه متقدّماً.