والعراقي جاءت متفرقة في عدة كتب، وقد وُجدت جميعها في مسند الإمام أحمد عدا لفظ «أمهات المؤمنين» الذي جاء في حديث أبي هريرة، ولقد صدق المحدثون حيث أطلقوا عليه لقب إمام أئمة السنة، فهو جدير به، جزاه الله عن الأمة المحمدية خيرًا، وأمطر عليه وابل رحمته وحشرنا في زمرته آمين. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير، وقد اختلف الناس في ذلك، فذهب إلى الوجوب عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه وجابر بن زيد والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبو جعفر الباقر والهادي والقاسم والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وابن الموّاز رحمهم الله، واختاره القاضي أبو بكر بن العربي. وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب، منهم مالك وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والناصر من أهل البيت وآخرون ووافقهم ابن المنذر من الشافعية، وقال إسحاق: إن تركها عمدًا لم تصح صلاته، وإن تركها سهوًا رجوت أن تجزئه. قال النووي: واحتج لهم بحديث المسيء صلاته وبحديث ابن مسعود في التشهد ثم قال في آخره: «فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك»، واحتج أصحابنا بقوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب ٥٦) قال الشافعي رحمه الله تعالى: أوجب الله تعالى بهذه الآية الصلاة، وأولى الأحوال بها حال الصلاة. قال أصحابنا الآية تقتضي وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وقد أجمع العلماء أنها لا تجب في غير الصلاة. قال: واحتجوا أيضًا بالأحاديث الصحيحة السابقة، وأجابوا عن حديث المسيء صلاته بأنه محمول على أنه كان يعلم التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحتج إلى ذكرها كما لم يذكر الجلوس، وقد أجمعنا على وجوبه، وإنما ترك للعلم به كما تركت النية للعلم بها، والجواب عن حديث ابن مسعود أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق الحفاظ. اهـ. قلت: حديث ابن مسعود تقدم وهو الحديث الثاني من أبواب التشهد وتقدم الكلام عليه فانظره. وفي أحاديث الباب مشروعية الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم وفيها خلاف أيضًا، فذهب الهادي والقاسم والمؤيد بالله والإمام أحمد بن حنبل وبعض أصحاب الشافعي إلى الوجوب، واستدلوا بالأوامر المذكورة في الأحاديث المشتملة على الآل. وذهب الشافعي في أحد قوليه - قال النووي: وهو الصحيح المنصوص، وبه قطع جمهور الأصحاب ومالك وأبو حنيفة وأصحابه - إلى عدم الوجوب، احتج الأولون بالأوامر المذكورة في الأحاديث المشتملة على الآل وبحديث أبي حميد «قال: قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته» (الحديث)، واحتج الآخرون بالإجماع على عدم الوجوب، حكاه النووي، قالوا: فيكون قرينة لحمل الأوامر على الندب، قالوا: ويؤيد ذلك عدم الأمر بالصلاة على الآل في القرآن، وأقل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما قال النووي «اللهم صل على محمد»، وأقل الصلاة على الآل «اللهم صل على محمد وآله» ويشترط أن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من التشهد، حكاه النووي عن