فكانوا إذا أرادوا القدح المزعفر، أحضروا له السكر المكرر، ووضعوه له في صيني الخوافق، وصبوا عليه الماء الرائق، فيسكرون هم بالأقداح القوادح، ويسكر ذلك الفاسق المحروم من الروائح، ثم يتوجه إلى صاحب المنزل، ويضحك عليه وهو في أشد ما يكون من العذاب ويسخر منه ويهزل، ثم يتمايل على صوت المثاني والمثالث، ويتناول من تلك المآكل والمشارب، ويقول بشر مال البخيل بحادث أو وارث وكان في عسكره كثير من النساء يلجن معامع الهيجاء، ووقائع البأساء، ويقابلن الرجال، ويقاتلن أشد القتال، ويصنعن أبلغ ما يصنع الفحول من الرجال في النزال، من طعن بالرمح وضرب بالسيف ورشق بالنبال، وإذا كانت إحداهن حاملاً وأخذها وهم سائرون الطلق، تنحت عن الطريق واعتزلت الخلق، ونزلت عن دابتها ووضعت حملها، ولفته وركبت دابتها وأخذته ولحقت أهلها وكان في عسكره ناس ولدوا في السفر، وبلغوا وتزوجوا وجاءهم الأولاد ولم يسكنوا