للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُمَا فأخبر بشأنهما وأنهما محبوسان فِي السجن، فدخل عليهما، فَقَالَ: ألم أقل لكما أرفقا، ولا تحرقا، ولا تستبطئاني فهل تدريان ما مثلكما؟ [مثلكما] [١] مثل امرأة لم تصب واحدا حتى دخلت في السن، فأصابت بعد ما دخلت فِي السن ولدا، فأحبت أن يعجل شبابه حَتَّى يكبر، فحملت عَلَى معدته ما لا يطيق فقتلته. ثم قَالَ لهما: والآن فلا تستبطئاني حَتَّى آتي إِلَى باب الملك.

فأتاه وقد جلس للناس، وكانوا إذا ابتلوا بحرام وبحلال رفعوه إِلَى الملك، فنظر فيه ثم سأل عنه ما يليه، وسأل الناس بعضهم بعضا حَتَّى ينتهي إِلَى أقصى المجلس.

فجلس نسطور فِي أقصى المجلس، فلما ردوا عَلَى الملك جواب من أجابه، وردوا عَلَيْهِ جواب نسطور، فسمع بشَيْء عَلَيْهِ نور، وخلا فِي مسامعه، فَقَالَ: من صاحب هَذَا القول؟ قالوا: الرجل الذي فِي أقصى المجلس، قَالَ: علي به. فلما جاءه قَالَ: أنت القائل كذا؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فما تقول فِي كذا وكذا؟ فجعل لا يسأله عَنْ شَيْء إلا فسره له، فَقَالَ له الملك: عندك هَذَا العلم وأنت تجلس فِي آخر القوم، ضعوا له عند سريري مجلسا. ثم قَالَ له: إن أتاك ابني فلا تقم له.

ثم أقبل عَلَى نسطور وترك الناس، فلما عرف أن منزلته قد ثبتت، قَالَ: لأروزنه.

فَقَالَ: أيها الملك، أنا رجل بعيد الدار فإن أحببت أن تقضي حاجتك مني فأذن لي فأنصرف إِلَى أهلي، فَقَالَ: يا نسطور، ما إِلَى ذلك سبيل فإن أردت أن تحمل أهلك إلينا فلك المواساة، وإن [أحببت أن] [٢] تأخذ من بيت المال حاجتك فتبعث به إِلَى أهلك فعلت. فسكت نسطور.

ثم تخير يوما مات لهم فيه ميت، فَقَالَ: أيها الملك، بلغني أن رجلين أتياك يعيبان عليك دينك. قَالَ: فذكرهما، فأرسل إليهما، فَقَالَ: يا نسطور، أنت حكم بيني وبينهما، ما قلت من شَيْء رضيت به، قَالَ: نعم، أيها الملك، هَذَا ميت قد مات فِي بني إسرائيل فمرهما يدعوان ربهما فيحييه لهما، ففي ذلك آية بينة.

قَالَ: فأتي بالميت فوضع عنده، وقاما وتوضئا ودعوا ربهما فردّ عليه روحه وتكلم،


[١] ما بين المعقوفتين: سقط في ت.
[٢] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل وأثبتناه في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>