والحقيقة تقال: إن الفضل يعود للمعتزلة في نشوء علم الكلام، وعلم البلاغة، ومنهجي الجدل والمناظرة، ويكاد المؤرخون يجمعون على كونهم المنفذ الأول الذي دخل منه فلاسفة المسلمين إلى الفلسفة اليونانية. وقد عملت هذه العوامل التي ذكرنا بالإضافة إلى كثير غيرها على اثراء المكتبة العربية، وتشعب المؤلفات في كل علم وفن وأصبح الخلاف حول مسألة فقهية، أو لحن يقع من مولّد أو جدل يجري حول بيت من الشعر مدعاة لوضع أبحاث حول هذه النقاط الجزئية التي جمعها العلماء فيما بعد، واهتموا بتبويبها حسب الموضوعات المختلفة، واستمر الجدل كما استمر توسع الدولة واستمر معهما العطاء الغزير مما استدعى التفكير بوضع المعاجم والموسوعات لإحصاء هذا السيل من المصنفات تسهيلا على الباحثين، فظهر إلى الوجود «أخبار المؤلفين والمؤلفات» لأحمد بن طيفور البغدادي المتوفى (٢٨٠ هـ /٨٩٣ م) وبعده «الفهرست» لابن النديم المتوفى (٣٨٥ هـ /٩٩٥ م) ويعد كتابه من أوفى الكتب في هذا المضمار. ثم «مفاتيح العلوم» لمحمد بن أحمد بن يوسف الخوارزمي المتوفى (٣٨٧ هـ /٩٩٧ م) ثم «حدائق الأنوار في حقائق الأسرار» لفخر الدين الرازي المتوفى (٦٠٦ هـ /١٢٠٩ م) ثم «أخبار المصنفين» لعلي بن أنجب البغدادي المتوفى (٦٧٤ هـ /١٢٧٥ م) ثم «درة التاج» لقطب الدين الشيرازي المتوفى (٧١٠ هـ /١٣١٠ م) ثم «مفتاح السعادة ومصباح السيادة» لأحمد بن مصطفى الشهير ب طاش كبرى زاده المتوفى (٩٦٨ هـ /١٥٦١ م) ثم «موضوعات العلوم» لولده محمد بن أحمد بن مصطفى المتوفى (١٠٢٦ هـ /١٦١٧ م) ثم «كشف الظنون» لمصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة أو كاتب جلبي المتوفى (١٠٦٧ هـ /١٦٥٦ م) وهو أشهر هذه الكتب وأوسعها وعليه عدة ذيول. ثم «معجم العلوم والحرف» لعبد النبي بن عبد الرسول بن عبد الوارث العثماني الهندي من أعيان القرن الثاني عشر ولم يتم، ثم «تنويع العلوم» لزين الدين محمد بن علي بن السهروردي المتوفى (١٢٠٠ هـ /١٧٨٥ م) ثم «أنواع العلوم» لشمس الدين علي الحسيني الشيرازي المتوفى (١٢٠٥ هـ /١٧٩٠ م) ثم «أنواع العلوم» لمحمد بن ابراهيم الحسيني المرعشي الحائري المتوفى (١٢٤٠ هـ /١٨٢٤ م) ثم «أبجد العلوم» لصديق بن حسن القنّوجي ملك بهويال المتوفى (١٣٠٧ هـ /١٨٨٩ م) ثم «ايضاح المكنون» و «هدية العارفين» لإسماعيل باشا البغدادي المتوفى (١٣٣٩ هـ / ١٩٢٠ م) وكلاهما في مجلدين وهما ذيل على «كشف الظنون» ثم «معجم المطبوعات العربية والمعربة» ليوسف اليان سركيس المتوفى (١٣٥١ هـ /١٩٣٢ م) وقد قصره على الكتب المطبوعة من تأريخ ظهور الطباعة إلى سنة (١٣٣٩ هـ /١٩١٩ م) ثم «السر المصون على كشف الظنون» لجميل بن مصطفى العظم المتوفى (١٣٥٢ هـ /١٩٣٣ م) وهو كتابنا الذي نحقق ث م «معجم المؤلفين» لعمر رضا كحالة وغيرهم كثير ممن لم نطلع على أسماء كتبهم أو صنفوا في أسماء الكتب ولم يتموا ما بدءوه. وكان لكل مؤلف منهجه وطريقته في تبويب كتابه. وقد كثرت كتب