للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الأمر لا يكاد ينتهي، وهذا يخالف نصوصًا من الأحاديث الصحيحة التي تربي المسلم على ألاَّ يعمل عملًا، وألاَّ يتكلم كلامًا، وألاَّ يقول قولًا يحتاج بعد ذلك كله إلى أن يقدم له عذرًا، حيث قال : «لا تَكَلَّمَنَّ بكلام تعتذر به عند الناس» (١)، وهذا خاص بالكلام؛ لكن يأتي الحديث الآخر يشمله ويشمل غيره من الأعمال، ألا وهو قوله : «إِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ!» (٢).

فمن يطيل ثوبه تحت الكعبين، فيُنْكِرُه عليه العارف بالسنة، فيقول: يا أخي! أنا لا أفعل ذلك خيلاءً، كما قال أبو بكر الصديق .

فأولًا: إن كان رسول الله عرف أبا بكر الصديق ، وعرف تواضعه، وأنه قد تبرأ من الكِبْر ولو ذرة منه، فقال وشهد له بأنه لا يفعل ذلك خيلاء، فليس بعد رسول الله أحد يستطيع أن يشهد مثل هذه الشهادة لإنسان آخر، لا سيما في مثل هذه المجتمعات الفاسدة.

وثانيًا: قد قال في الحديث الآخر: «أزْرَة المؤمن إلى أنصاف ساقيه» (٣).


(١) عن أبي أيوب الأنصاري ، قال: جاء رجلٌ إلى النَّبِيِّ فقال: عِظْنِي وَأَوْجِزْ، فقال: «إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَاجْمَعِ الإِيَاسَ مِمَّا فِي يَدَيِ النَّاسِ». أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٤١٢)، برقم (٢٣٥٤)، وابن ماجه برقم (٤١٧١)، والطبراني في الكبير (٤/ ١٥٤)، برقم (٣٩٨٧)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٣٦٢)، والبيهقي في الزهد الكبير (٢/ ٨٧)، برقم (١٠٢). قال البوصيري في الزوائد (٣/ ٢٨٥): هذا إسناد ضعيف، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٧٤٢)، وفي السلسلة الصحيحة برقم (٤٠١).
(٢) أخرجه الضياء في المختارة برقم (٢١٩٩)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٣٧٧٦).
(٣) أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٩١٤)، برقم (١٦٣١)، وأحمد في المسند برقم (١١٩٢٥)، وأبو داود برقم (٤٠٩٣)، وابن ماجه برقم (٢/ ١١٨٣)، عن أبي سعيد الخدري . وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٩٢١)، وفي صحيح الترغيب والترهيب برقم (٢٠٣١).

<<  <   >  >>