للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعليق:

بين النبي أن وصفه سبحانه بالسلام لا يشبه أوصاف المخلوقين، فإنهم بصدد الافتقار، وهو المتعالى عن ذلك، فهو السلام الذي يعطي السلامة ويمنعها، ويبسطها ويقبضها، لا تبدأ إلا منه، ولا تعود إلا إليه (١).

قال الصنعاني (٢): (وإنما استغفر بعد أداء الفريضة؛ لأن العبد يقصر عن القيام بحق مولاه في أداء فرائضه وإن بالغ في ذلك، فهو مفتقر إلى عفو الله.

ثم لما كانت الصلاةُ بها النجاة من شرور الدارين والسلامة، والعبدُ قاصرٌ عن الوفاء بحقها لنقصه وقصوره، ناسب أن يأتي بعد الإتيان بها بوصف الرب بالسلامة، وطلبها منه، والإقرار بتعالاه واتصافه بالجلال والإكرام، للإعلام بأنه غنيٌّ عن العبد وعبادتِه).

وقال ابن القيم (٣): (وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارًا عقيب الطاعات، لشهودهم تقصيرهم فيها، وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه، وأنه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية، ولا رضيها لسيده.

وقد أمر الله تعالى وفده وحجاج بيته بأن يستغفروه عقيب إفاضتهم من عرفات، وهو أجل المواقف وأفضلها، فقال: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ


(١) ينظر: شرح مشكاة المصابيح للطيبي (٣/ ١٠٥٧).
(٢) ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير للصنعاني (٨/ ٣٥١).
(٣) ينظر: مدارج السالكين لابن القيم (١/ ١٩٢).

<<  <   >  >>