أستغفر الله مما يعلم الله … إن الشقيَّ لمن لا يرحم الله
ما أحلمَ الله عمن لا يراقبُه … كلٌّ مسيءٌ ولكن يحلم الله
فاستغفر الله مما كان من زلل … طوبى لمن كف عما يكره الله
طوبى لمن حسُنت منه سريرتُه … طوبى لمن ينتهي عما نهى الله
السبب الثالث من أسباب المغفرة: التوحيد:
وهو السبب الأعظم، فمن فقده فقد المغفرة، ومن جاء به فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]. فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض -وهو ملؤها أو ما يقارب ملأها- خطايا، لقيه الله بقرابها مغفرة، لكن هذا مع مشيئة الله ﷿، فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه، ثم كان عاقبته ألَّا يخلد في النار، بل يخرج منها، ثم يدخل الجنة.
قال بعضهم: الموحِّد لا يلقى في النار كما يلقى الكفار، ولا يلقى فيها ما يلقى الكفار، ولا يبقى فيها كما يبقى الكفار، فإن كمُل توحيد العبد وإخلاصه لله فيه، وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه وجوارحه، أو بقلبه ولسانه عند الموت، أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها، ومنعه من دخول النار بالكلية.
فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه، أخرجت منه كل ما سوى الله محبةً وتعظيمًا وإجلالًا ومهابة، وخشية، ورجاء وتوكلًا، وحينئذ تُحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثلَ زبد البحر، وربما قلبتها حسنات، كما سبق ذكره في تبديل السيئات حسنات، فإن هذا التوحيد هو الإكسير الأعظم، فلو وضع منه