للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن»، وقوله: «لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه» (١).

وقد اختلف العلماء في مرتكب الكبائر: هل يسمى مؤمنًا ناقص الإيمان، أم لا يسمى مؤمنا؟ وإنما يقال: هو مسلم، وليس بمؤمن على قولين، وهما روايتان عن الإمام أحمد.

فأما من ارتكب الصغائر، فلا يزول عنه اسم الإيمان بالكلية، بل هو مؤمن ناقص الإيمان، ينقص من إيمانه بحسب ما ارتكب من ذلك.

والقول بأن مرتكب الكبائر يقال له: مؤمن ناقص الإيمان مروي عن جابر بن عبد الله ، وهو قول ابن المبارك وإسحاق وأبي عبيد وغيرهم، والقول بأنه مسلم، ليس بمؤمن مروي عن أبي جعفر محمد بن علي، وذكر بعضهم أنه المختار عند أهل السنة، وقال ابن عباس : الزاني ينزع منه نور الإيمان، وقال أبو هريرة : ينزع منه الإيمان، فيكون فوقه كالظلة، فإن تاب عاد إليه، وقال عبد الله بن رواحة وأبو الدرداء : الإيمان كالقميص، يلبسه الإنسان تارة، ويخلعه تارة أخرى، وكذا قال الإمام أحمد وغيره.

والمعنى: أنه إذا كمَّل خصال الإيمان، لبسه، فإذا نقص منها شيءٌ نزعه، وكل هذا إشارة إلى الإيمان الكامل التام الذي لا ينقص من واجباته شيء).

وقال أيضًا (٢): (وأما اسم الإسلام، فلا ينتفي بانتفاء بعض واجباته، أو انتهاك بعض محرماته، وإنما ينفى بالإتيان بما ينافيه بالكليةِ، ولا يعرف في شيء من السنة الصحيحة نفي الإسلام عمن ترك شيئًا من واجباته، كما ينفى الإيمان


(١) أخرجه البخاري برقم (٦٠١٦)، عن أبي شريح .
(٢) ينظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (١/ ١١١).

<<  <   >  >>