وذكر في الكشاف أنه لا يطول عمر إنسان ولا يقصر إلا في كتاب.
وصورته: أن يكتب في اللوح المحفوظ: إن حج فلان أو غزا فعمره أربعون سنة، وإن حج وغزا فعمره ستون سنة، فإذا جمع بينهما، فبلغ الستين، فقد عُمِّر، وإذا أفرد أحدهما فلم يتجاوز به الأربعين، فقد نُقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون.
وذكر نحوه في معالم التنزيل، ثم قال: فقيل للقائل: إن الله يقول: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٤]، فقال: هذا إذا حضر الأجل، فأما ما قبل ذلك، فيجوز أن يزاد وينقص، وقرأ: ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج: ٧٠].
إذا علم الله تعالى أن زيدًا يموت سنة خمسمائة استحال أن يموت قبلها أو بعدها، فاستحال أن تكون الآجال التي عليها علم الله أن تزيد أو تنقص، فيتعين تأويل الزيادة أنها بالنسبة إلى ملَك الموت أو غيره ممن وكِّل بقبض الأرواح، وأمرَه بالقبض بعد آجالٍ محدودة، فإنه تعالى بعد أن يأمره ذلك أو يثبت في اللوح المحفوظ ينقص منه أو يزيد على ما سبق به علمه في كل شيء، وهو معنى قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩].
وعلى ما ذُكر يحمل قوله تعالى: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ [الأنعام: ٢]، فالإشارة بالأجل الأول إلى ما في اللوح المحفوظ، وما عند ملك الموت وأعوانه، وبالأجل الثاني إلى قوله: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]، وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٤]).