والأصل في قص الشوارب وإحفائها وجهان:
أحدهما: مخالفة زي الأعاجم، وقد وردت هذه العلة منصوصة في الصحيح، حيث قال: «خالفوا المجوس» (١).
والثاني: أن زوالها عن مدخل الطعام والشراب أبلغ في النظافة، وأنزه من وضر الطعام).
وقال الشوكاني ﵀ (٢): (وقد اختلف الناس في حدِّ ما يُقص من الشارب، وقد ذهب كثير من السلف إلى استئصاله وحلقه لظاهر قوله: «أحفوا وانْهَكوا» وهو قول الكوفيين.
وذهب كثير منهم إلى منع الحلق والاستئصال، وإليه ذهب مالك، وكان يرى تأديب من حلقه، وروى عنه ابن القاسم أنه قال: إحفاء الشاربِ مُثْلَةٌ.
قال النووي ﵀: المختار أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفيه من أصله، قال: وأما رواية: «أحفوا الشوارب»، فمعناه: أحفوا ما طال عن الشفتين، وكذلك قال مالك في الموطأ (٣): يؤخذ من الشارب حتى يبدو أطراف الشفة.
قال ابن القيم ﵀ (٤): وأما أبو حنيفة وزفر وأبو يوسف ومحمد، فكان مذهبهم في شعر الرأس والشوارب أن الإحفاء أفضل من التقصير.
وذكر بعض المالكية عن الشافعي أن مذهبه كمذهب أبي حنيفة في حلق الشارب، قال الطحاوي: ولم أجد عن الشافعي شيئا منصوصًا في هذا، وأصحابه
(١) أخرجه مسلم برقم (٢٦٠) من حديث أبي هريرة ﵁.
(٢) ينظر: نيل الأوطار (١/ ١٤٨)، وقوله: مُثْلَةٌ: أي: تشويه.
(٣) ينظر: موطأ الإمام مالك برقم (٣٤٠٩).
(٤) ينظر: زاد المعاد لابن القيم (١/ ١٧٣).