للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرزق والصحة، ودفع المكروه، ونحو ذلك، والحمد هو من النعم الدينية، وكلاهما نعمة من الله، لكن نعمة الله على عبده بهدايته لشكر نعمه بالحمد عليها أفضل من نعمه الدنيوية على عبده، فإن النعم الدنيوية إن لم يقترن بها الشكر، كانت بلية، كما قال أبو حازم: (كل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية) (١).

فإذا وفق الله عبده للشكر على نعمه الدنيوية بالحمد أو غيره من أنواع الشكر، كانت هذه النعمة خيرًا من تلك النعم وأحب إلى الله ﷿ منها، فإن الله يحب المحامد، ويرضى عن عبده أن يأكل الأكلة، فيحمده عليها، ويشرب الشربة، فيحمده عليها (٢).

والثناء بالنعم والحمد عليها وشكرها عند أهل الجود والكرم أحب إليهم من أموالهم، فهم يبذلونها طلبا للثناء، والله ﷿ أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، فهو يبذل نعمه لعباده، ويطلب منهم الثناء بها، وذكرها، والحمد عليها، ويرضى منهم بذلك شكرا عليها، وإن كان ذلك كله من فضله عليهم، وهو غير محتاج إلى شكرهم، لكنه يحب ذلك من عباده، حيث كان صلاح العبد وفلاحه وكماله فيه.

ومن فضله أنه نسب الحمد والشكر إليهم، وإن كان من أعظم نعمه عليهم، وهذا كما أنه أعطاهم ما أعطاهم من الأموال، ثم استقرض منهم بعضَه، ومدحهم بإعطائه، والكل ملكُه، ومن فضله، ولكن كرمه اقتضى ذلك، ومن هنا


(١) ينظر: الشكر لابن أبي الدنيا (ص ١١) برقم (٢٠)، وحلية الأولياء لأبي نعيم (٣/ ٢٣٠)، وشعب الإيمان برقم (٤٢١٧)، والمجالسة وجواهر العلم للدينوري برقم (٤/ ١٩).
(٢) أخرجه مسلم برقم (٢٧٣٤)، عن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله : «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها».

<<  <   >  >>