للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثل ذلك عَنْ نجيه مُوسَى فِي قوله: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾ [طه: ٩]، إلى قوله: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤]، فأجمل الطاعة واجتناب المعصية فِي قوله لموسى : ﴿فَاعْبُدْنِي﴾، وأفرد الصلاة وأمر بها خاصة، وقال الله ﷿: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ [الأعراف: ١٧٠]، والتمسك بالكتاب يأتي عَلَى جميع الطاعة واجتناب جميع المعصية، ثم خص الصلاة بالذكر فقال: ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾.

وإلى تضييع الصلاة نسب الله ﷿ من أوجب له العذاب قبل المعاصي فقال: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: ٥٩]، فمن اتباع الشهوات ركوب جميع المعاصي، فنسبهم اللَّه ﷿ إلى جميع المعصية فِي تضييع الصلاة.

فهذا ما أخبر الله تعالى به من آي القرآن من تعظيم الصلاة، وتقديمها بين يدي الأعمال كلها، وإفرادها بالذكر من بين جميع الطاعات، والوصية بها دون أعمال البر عامة، فالصلاة خطرها عظيم وأمرها جسيم.

وبالصلاة أمر اللَّه رسوله أول ما أوحى إليه بالنبوة قبل كل عمل وقبل كل فريضة.

وبالصلاة أوصى النَّبِيّ عند خروجه من الدنيا فقال: «اللَّه اللَّه فِي الصلاة وفيما ملكت أيمانكم» (١). فِي آخر وصيته إياهم.


(١) أخرجه البيهقي في الآداب برقم (٥١)، عن أم سلمة ، قالت: كان رسول الله يقول في مرضه: «الله الله الصلاة وما ملكت أيمانكم»، قالت: فجعل يتكلم به وما يفيض، وفي رواية أخرى: حتى جعل يلجلجها في صدره، وما يفيض بها لسانه.

<<  <   >  >>