للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا كان التاركون للجمعة والجماعات خلف أئمة الجور مطلقًا معدودين عند السلف والأئمة من أهل البدع.

وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البر فهو أولى من فعلها خلف الفاجر، وحينئذ فإذا صلى خلف الفاجر من غير عذر فهو موضع اجتهاد للعلماء؛ منهم من قال: إنه يعيد؛ لأنه فعل ما لا يشرع بحيث ترك ما يجب عليه من الإنكار بصلاته خلف هذا، فكانت صلاته خلفه منهيًّا عنها فيعيدها.

ومنهم من قال: لا يعيد، قال: لأن الصلاة في نفسها صحيحة، وما ذكر من ترك الإنكار هو أمر منفصل عن الصلاة، وهو يشبه البيع بعد نداء الجمعة.

وأما إذا لم يمكنه الصلاة إلا خلفه كالجمعة، فهنا لا تُعاد الصلاة، وإعادتها من فعل أهل البدع).

وذكر أن العمل قد يقر ويؤذن فيه وإن كان فيه مفسدة، لكنها مغمورة في جانب المصلحة المرجوَّة منه، وبين أن إقرار النبي للنساء في الغناء يوم العيد هو من هذا الباب، فقال (١): (وقد تقدم أن الرخصة في الغناء في أوقات الأفراح للنساء والصبيان أمر مضَتْ به السنة، كما يرخص لهم في غير ذلك من اللعب، ولكن لا يجعل الخاصُّ عامًّا.

ولهذا لما قال أبو بكر: أمزمور الشيطان في بيت رسول الله (٢)، لم ينكر النبي هذه التسمية.


(١) ينظر: الاستقامة (١/ ٢٨٧).
(٢) يشير إلى حديث عائشة ، قالت: (دخل علي رسول الله وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، ودخل أبو بكر، فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي ، فأقبل عليه رسول الله فقال: «دعهما»، فلما غفل غمزتهما فخرجتا)، أخرجه البخاري برقم (٩٤٩)، ومسلم برقم (٨٩٢)، واللفظ للبخاري.

<<  <   >  >>