للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ: فَلِأَنَّ النَّجَاشِيَّ مَلِكَ الْحَبَشَةِ وَمُنْذِرَ بْنَ سَاوِي مَلِكَ الْبَحْرِينِ وَمَلِكَ عَمَّانَ انْقَادُوا وَأَسْلَمُوا، وَهِرَقْلَ قَيْصَرَ الرُّومِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ، وَالْمُقَوْقِسَ مِلَكَ الْقِبْطِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ ثَلَاثَ جَوَارٍ وَغُلَامًا أَسْوَدَ وَبَغْلَةً شَهْبَاءَ وَحِمَارًا أَشْهَبَ وَفَرَسًا وَثِيَابًا وَغَيْرَهَا.

وَأَمَّا الْخَامِسَ عَشَرَ: فَقَدْ وَصَلَ مِنْ أَبْنَاءِ الْإِمَامِ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إِلَى الْخِلَافَةِ وَأُلُوفٌ فِي أَقَالِيمَ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وَالشَّامِ وَفَارِسَ وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهَا وَفَازُوا بِالسَّلْطَنَةِ وَالْإِمَارَةِ الْعَالِيَةِ، وَإِلَى الْآنَ أَيْضًا فِي دِيَارِ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَفِي غَيْرِهِمَا تُوجَدُ الْأُمَرَاءُ وَالْحُكَّامُ مَنْ نَسْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَسَيَظْهَرُ إِنْ شَاءَ اللهُ الْمَهْدِيُّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مَنْ نَسْلِهِ وَيَكُونُ خَلِيفَةَ اللهِ فِي الْأَرْضِ وَيَكُونُ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فِي عَهْدِهِ الشَّرِيفِ.

وَأَمَّا السَّادِسَ عَشَرَ وَالسَّابِعَ عَشَرَ: فَلِأَنَّهُ يُنَادِي أُلُوفَ أُلُوفٍ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فِي أَقَالِيمَ مُخْتَلِفَةٍ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ الْمَحْصُورِينَ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَالْقُرَّاءُ يَحْفَظُونَ مَنْشُورَهُ، وَالْمُفَسِّرُونَ يُفَسِّرُونَ مَعَانِيَ فُرْقَانِهِ، وَالْوُعَّاظُ

يُبَلِّغُونَ وَعْظَهُ، وَالْعُلَمَاءُ وَالسَّلَاطِينُ يَصِلُونَ إِلَى خِدْمَتِهِ، وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، وَيَمْسَحُونَ وُجُوهَهُمْ بِتُرَابِ رَوْضَتِهِ وَيَرْجُونَ شَفَاعَتَهُ.

وَلَا يَصْدُقُ هَذَا الْخَبَرُ فِي حَقِّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا يَدَّعِيهِ عُلَمَاءُ بُرُوتُسْتَنْتْ ادِّعَاءً بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُمْ يُشِيرُونَ إِلَى الْخَبَرِ الْمُنْدَرِجِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالْخَمْسِينَ مِنْ كِتَابِ أَشْعِيَا فِي حَقِّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهَذَا نَصُّهُ: لَيْسَ لَهُ مَنْظَرٌ وَجَمَالٌ، وَرَأَيْنَاهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْظَرٌ وَاشْتَهَيْنَاهُ مُهَانًا، وَآخِرُ الرِّجَالِ رَجُلُ الْأَوْجَاعِ مُخْتَبَرًا بِالْأَمْرَاضِ، وَكَانَ مَكْتُومًا وَجْهُهُ، وَمَزْدُولًا وَلَمْ نَحْسَبْهُ وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ كَأَبْرَصَ، وَمَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَخْضُوعًا، وَالرَّبُّ شَاءَ أَنْ يَسْحَقَهُ.

وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ ضِدُّ الْأَوْصَافِ الَّتِي فِي الزَّبُورِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ حَسَنًا، وَلَا كَوْنُهُ قَوِيًّا، وَكَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مُتَقَلِّدًا بِالسَّيْفِ، وَلَا كَوْنُ نَبْلِهِ مَسْنُونَةً، وَلَا انْقِيَادُ الْأَغْنِيَاءِ لَهُ، وَلَا إِرْسَالُهُمْ إِلَيْهِ الْهَدَايَا، بَلْ هُمْ عَلَى زَعْمِ النَّصَارَى أَخَذُوهُ وَأَهَانُوهُ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ وَضَرَبُوهُ بِالسِّيَاطِ ثُمَّ صَلَبُوهُ، وَمَا كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا ابْنٌ، فَلَا يَصْدُقُ دُخُولُ بَنَاتِ الْمُلُوكِ فِي بَيْتِهِ، وَلَا كَوْنُ أَبْنَائِهِ بَدَلَ آبَائِهِ رُؤَسَاءَ الْأَرْضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>