للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَفْسَ الْكَلِمَةِ بَلْ هِيَ أَدَاةٌ وَحَرْفٌ جِيءَ بِهِ لِلصِّلَةِ فَلَوْ أُخْرِجَ مِنْهُ لَاحْتَاجَ اسْمُ مُحَمَّدٍ إِلَى بَاءٍ ثَانِيَةٍ وَيُقَالُ: بيماد ماد (قُلْنَا) : مِنَ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ إِذَا اجْتَمَعَ الْبَاءَانِ (إِحْدَاهُمَا أَدَاةٌ) (وَالْأُخْرَى) مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ تُحْذَفُ الْأَدَاةُ، وَتَبْقَى الَّتِي هِيَ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ، وَهَذَا شَائِعٌ عِنْدَهُمْ فِي مَوَاضِعَ غَيْرِ مَعْدُودَةٍ فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِيرَادِهَا " انْتَهَى كَلَامُهُ بِلَفْظِهِ.

أَقُولُ: قَدْ صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مادماد كَمَا فِي شِفَاءِ الْقَاضِي عِيَاضٍ.

(الْبِشَارَةُ الْخَامِسَةُ)

جَاءَ فِي تَرْجَمَاتٍ سَنَةِ ١٧٢٢ وَسَنَةِ ١٨٣١ وَسَنَةِ ١٨٤٤ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ (٤٩: ١٠ فَلَا يَزُولُ الْقَضِيبُ مِنْ يَهُوذَا. وَالْمُدَبِّرُ مِنْ فَخْذِهِ حَتَّى يَجِيءَ الَّذِي لَهُ الْكُلُّ وَإِيَّاهُ تَنْتَظِرُ الْأُمَمُ) وَفِي تَرْجَمَةِ سَنَةِ ١٨١١ (فَلَا يَزُولُ الْقَضِيبُ مِنْ يَهُوذَا وَالرَّاسِمِ مِنْ تَحْتِ أَمْرِهِ إِلَى أَنْ يَجِيءَ الَّذِي هُوَ لَهُ وَإِلَيْهِ تَجْتَمِعُ الشُّعُوبُ) وَلَفْظُ الَّذِي لَهُ الْكُلُّ أَوِ الَّذِي هُوَ لَهُ تَرْجَمَةُ لَفْظِ " شيلوه " وَفِي تَرْجَمَةِ هَذَا اللَّفْظِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَمَا عَرَفْتَ فِي الْأَمْرِ السَّابِعِ أَيْضًا. وَقَالَ عَبْدُ السَّلَامِ فِي الرِّسَالَةِ الْهَادِيَةِ هَكَذَا (لَا يَزُولُ الْحَاكِمُ مِنْ يَهُوذَا وَلَا رَاسِمٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَجِيءَ الَّذِي لَهُ وَإِلَيْهِ تَجْتَمِعُ الشُّعُوبُ) وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى مَجِيءِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ تَمَامِ حُكْمِ مُوسَى وَعِيسَى؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْحَاكِمِ هُوَ مُوسَى؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ يَعْقُوبَ مَا جَاءَ صَاحِبُ شَرِيعَةٍ إِلَى زَمَانِ مُوسَى إِلَّا مُوسَى، وَالْمُرَادُ مِنَ الرَّاسِمِ هُوَ عِيسَى؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مُوسَى إِلَى زَمَانِ عِيسَى مَا جَاءَ صَاحِبُ شَرِيعَةٍ إِلَّا عِيسَى،

وَبَعْدَهُمَا مَا جَاءَ صَاحِبُ شَرِيعَةٍ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ يَعْقُوبَ فِي آخِرِ الْأَيَّامِ، هُوَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَعْدَ مُضِيِّ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَالرَّاسِمِ مَا جَاءَ إِلَّا سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: حَتَّى يَجِيءَ الَّذِي لَهُ - أَيِ: الْحُكْمُ - بِدَلَالَةِ مَسَاقِ الْآيَةِ وَسِيَاقِهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَإِلَيْهِ تَجْتَمِعُ الشُّعُوبُ) فَهِيَ عَلَامَةٌ صَرِيحَةٌ وَدَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا هُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّهُ مَا اجْتَمَعَ الشُّعُوبُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ الزَّبُورُ؛ لِأَنَّهُ لَا أَحْكَامَ فِيهِ، وَدَاوُدُ النَّبِيُّ تَابِعٌ لِمُوسَى، وَالْمُرَادُ مِنْ خَبَرِ يَعْقُوبَ هُوَ صَاحِبُ " الْأَحْكَامِ " انْتَهَى كَلَامُهُ بِلَفْظِهِ.

أَقُولُ: إِنَّمَا أَرَادَ مِنَ الْحَاكِمِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّ شَرِيعَتَهُ جَبْرِيَّةٌ انْتِقَامِيَّةٌ وَمِنَ الرَّاسِمِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّ شَرِيعَتَهُ لَيْسَتْ بِجَبْرِيَّةٍ وَلَا انْتِقَامِيَّةٍ، وَإِنْ أُرِيدَ مِنَ الْقَضِيبِ السَّلْطَنَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ، وَمِنَ الْمُدَبِّرِ الْحَاكِمُ الدُّنْيَوِيُّ - كَمَا يُفْهَمُ مِنْ رَسَائِلِ الْقِسِّيسِينَ مِنْ فِرْقَةِ بُرُوتُسْتَنْتْ، وَمِنْ بَعْضِ تَرَاجِمِهِمْ - فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بشيلوه مَسِيحُ الْيَهُودِ كَمَا هُوَ مَزْعُومُهُمْ، وَلَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا هُوَ مَزْعُومُ النَّصَارَى. (أَمَّا الْأَوَّلُ) فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ السَّلْطَنَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>