للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

طرسوس عام ٢٩٢ هـ، فأصيب أبو الرجال بن أبي بكار، في جماعة من المسلمين، فعزل الخليفة أبو العشائر عن الثّغُور، واستعمل رستم بن بردو والياً على طرسوس، وتم على يديه فداء آخر للأسرى، وكان جملة من فودي من المسلمين ١٢٠٠ نفس١. وفي عام ٢٩٤ هـ، قام نائب دمشق أحمد بن كيلغلغ، بغزو بلاد الروم، ومعه رستم بن بردو بأهل طرسوس، فقتل نحواً من أربعة آلاف، وأسر نحواً من خمسين ألفاً، وأسلم بطريق من بطارقة الروم الكبار، وأطلق نحو مائتي أسير من المسلمين كانوا معه، وقد حاول الروم تتبعه، وفشلوا، ودخل بلاد المسلمين وقدم إلى الخليفة، فأكرمه وأحسن إليه، وقد وصل المسلمون في تلك الحملة إلى قونية، ثم عادوا إلى طرسوس٢ قاعدة غزوهم.

ومن نتائج هذا الغزو الرائع، أرسل إمبراطور الروم إلى المكتفي يطلب الفداء، وقد ضم الوفد الذي أرسله خال ولده اليون، وبسيل الخادم، ومعهم جماعة، وكتاب إلى المكتفي يسأله الفداء، وأن يوجه المكتفي رسولاً إلى بلاد الروم، ليجمع أسرى المسلمين فِى بلاده، وليجتمع هو معه على أمر يتفقان عليه، وتخلف بسيل الخادم بطرسوس، ليجمع الأسرى من الروم في الثغور ليصيرهم مع صاحب السلطان إلى موضع الفداء. وأجيب صاحب الروم إلى ما سأل٣. وتم الفداء بالفعل في ذي القعدة من عام ٢٩٥ حد قبلَ وفاة المكتفي بقليل، وقام به مؤنس الخادم، واستنقذ المسلمون نحواً من ثلاثة آلاف من أسراهم٤.

وبوفاة المكتفي عام ٢٩٥ هـ، انتكست الخلافة مرة أخرى، زمن المقتدر [٢٩٥-٣٢٠] ، وكان صغير السن، ووقع بين تنافس قادة الأتراك، وألاعيب النساء، ورغم ذلك فقد اهتم المقتدر بالثغور، ففي شعبان من عام ٢٩٦ هـ خلع على مؤنس الخادم، وأمره بالمسير إلى طرسوس لغزو الصائفة، فخرج في عسكر كثيف، ومعه جماعة من القواد، وغلمان الحجر٥، وقام عام ٢٩٧ هـ بغزو الروم عن طريق ثغر ملطية، ومعه أبو الأغر السلمي، وظفر بالروم، وأسر منهم٦، فطلب الروم المفاداة، ففادى مؤنس الأسارى عام ٢٩٧ هـ٧.


١ الطبري ٨/ ٢٣٥، الكامل ٦/ ١١.
٢ الطبري ٨/٢٤٣، الكامل ٦/١١٧، البداية ١١/ ١٠٢.
٣ الطبري ٨/ ٢٤٨، ١لكا مل ٦/ ١١٧.
٤ الطبري ٨/ ٢٥٠، الكامل ٦/ ١٢٠، البداية ١١/١٠٣، ابن تغري ٣/ ١٦٢.
٥ الطبري ٨/ ٢٥٢، الكامل ٦/ ١٣٥، البداية ١١/١٠٨
٦ الطبري ٨/ ٢٥٣، ١لكا مل ٦/ ١٣٥.
٧ يذكر ابن كثير أن اسمه (يونس الخادم) وهذا خطأ [البداية ١١/ ١١٠] .

<<  <   >  >>