للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتوفي أبو أحمد الموفق في العام نفسه (٢٧٨ هـ) ، وكان له خادم من خواصه يقال له راغب، فاختار الجهاد، وسار إلى طرسوس، على عزم المقام بها. فلما وصل إلى الشام، سير ما معه من دواب، وآلات، وخيام، وغير ذلك إلى طرسوس مع غلامه مكنون، وسار هو جريدة إلى خمارية ليزوره، ويعرفه عزمه. فلما لاقيه بدمشق أكرمه خمارويه وأحبه، وأُسر به، واستحيا راغب أن يطلب منه المسير إلى طرسوس، فطال مقمه عنده: وظن أصحابه أن خمارويه قبض عليه، فأذاعوا ذلك، فاستعظمه أهل طرسوس، وقالوا: يعمد إلى رجل قصد الجهاد معه في سبيل الله فيقبض عليه؟ فثاروا على محمد بن موسى، وقبضوا عليه، ونهبوا داره، وقالوا: لا يزال في الحبس إلى أن يطلق ابن عمك راغبا.

وبلغ الخبر خماروية، فأطلع راغباً عليه، وأذن له في المسير إلى طرسوس، فلما وصلها، أطلق أهلها أميرهم. فتركهم وسار عنهم إلى بيت المقدس فأقام بها وعاد العجيفي إلى ولايتها١ وأخذ راغب يلعب دورا في أحداث هذا الثغر الهام، وقام بدور في الجهاد.

وتوفي المعتمد عام ٢٧٩هـ، وولي الخلافة المعتضد (٢٧٩-٢٨٩ هـ) حيث واصلت الخلافة العباسية انتعاشها على يديه، وتم الوفاق مع خمارويه حين تزوج المعتضد قطر الندى ابنة خمارويه عام ٢٧٩ من، فاشتد ساعد طرسوس، إذ أخذت الإمدادات ترد من الجانبين، فدخل أحمد بن أبا طرسوس للغزاة من قبل خمارويه عام ٢٨٠ هـ، ودخل بعده بدر الحمامي، فغزوا جميعاً مع أحمد العجيفي أمير طرسوس، حتى بلغوا البلقسون (البوسفو) ٢ ودخل طغج بن جف طرسوس عام ٢٨١ هـ، لغزو الصائفة من قبل خمارويه، فبلغ طرابزون، وفتح بلودية (ملوريا) ٣.

وقام أحمد بن طغان بالفداء عام ٢٨٣ هـ على نهر اللامس، ومعه راغب ومواليه، ووجوه طرسوس، والمطوعة، والقواد بأحسن زي. وبعد الفداء انصرف الأمير ومن معه، وخر ج أحمد بن طغان إلى البحر وخلف دميانة على عمله في طرسوس. ثم وجه بعد يوسف بن الباغمردي على طرسوس ولم يرجع هو إليها٤. وكان راغب قد ترك الدعاء لهرون بن خمارية ودعا لبدر مولى المعتضد، فأمد أحمد بن طوغان دميانة وقوي أمره وأنكر ما كان يفعله راغب، فوقعت الفتنة في طرسوس بين راغب ودميانة، وظفر راغب عام


١ ١٦/٧١، وانظر الطبري الذي ومنها بلمحة طرسوس عام ٢٧٩ هـ ٨/١٦٣ ـ ١٦٤
٢ الطبري٨/ ٦٧ ١، الكامل ٦/٧٧،
٣ الطبري٨/ ٦٩ ١، الكامل ٦/٧٨، ابن تغري ٣/ ٨٦.
٤ الطبري ٨/ ١٧٦.

<<  <   >  >>