(١) فى الأصل: أبو. (٢) وذلك إذا انتفت الظنون عن الجارح واندفعت التهم وكان الجارح حبراً من أحبار الأمة، أو كان المجروح مشهوراً بالضعف، متروكاً بين النقاد. قال التاج السبكى: " إن قولهم لا يقبل الجرحُ إلا مفسّراً، إنما هو فى جرح من ثبتت عدالتُه واستقرت، فإذا أراد رافعٌ رفعَها بالجرح قيل له: ائت ببرهان على هذا أو فيمن لم يُعرف حاله، ولكن ابتدره جارحان ومُزكيَّان، فيقال إذ ذاك للجارحين: فسّرا ما رميتماه به ". قال: أما من ثبت أنه مجروح فيقبل قول من أطلق جرحه، لجريانه على الأصل المقرر عندنا، ولا نطالبه بالتفسير، إذ لا حاجة إلى طلبه. ثم قال: إنا لا نطلب التفسير من كل أحد، بل إنما نطلبه حيث يحتمل الحال شكاً، إما لاختلاف فى الاجتهاد، أو لتهمة يسيرة فى الجارح، أو نحو ذلك مما لا يوجب سقوط قول الجارح، ولا ينتهى إلى الاعتبار به على الإطلاق، بل يكون بين بيْن، أما إذا انتفت الظنون واندفعت التهم، وكان الجارح حبراً من أحبار الأمة، مُبَرأ عن مظانّ التهمة، أو كان المجروح مشهوراً بالضعف، متروكاً بين النقاد، فلا نتلعثم عند جرحه، ولا نحوج الجارح إلى تفسير، بل طلب التفسير منه والحالة هذه طلبٌ لغيبة لا حاجة إليها. قال: فنحن نقبل قول ابن معين فى إبراهيم بن شعيب المدنى، شيخ روى عنه ابن وهب- إنه ليس بشىء- وفى إبراهيم بن يزيد المدنى: أنه ضعيف، وفى الحسين بن الفرج الخياط: إنه كذاب يسرق الحديث. وعلى هذا، وإن لم يبن الجرح، لأنه إمام مقدَّم فى هذه الصناعة، جرح طائفةٌ غير ثابتى العدالة والثبت. ولا نقبل قوله فى الشافعى ولو فسّر وأتى بألف إيضاح، لقيام القاطع على أنه غير محق بالنسبة إليه. طبقات الشافعية ٢/ ٢٢. يعنى له التعصب المذهبى. فقد قال قبل: " الجارح لا يقبل منه الجرحُ وإن فسَّره فى حق من غلبت طاعاته على معاصيه، ومادحوه على ذامّيه، ومزكوه على جارحيه، إذا كانت هناك قرينة يشهد العقل بأن مثلها حامل على الوقيعة فى الذى جرحه من تعصب مذهبى، أو منافسة دنيويةٌ كما يكون من النظراء، أو غير ذلك، فنقول مثلاً: لا يُلتفتُ إلى كلام ابن أبى ذئب فى مالك، وابن معين فى الشافعى، والنسائى فى أحمد بن صالح، لأن هؤلاء أئمةٌ مشهورون، صار الجارح لهم كالآتى بخبر غريب، لو صح لتوفّرت الدواعى على نقله، وكان القاطع قائماً على كذبه. طبقات الشافعية ٢/ ٢١.