للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلة مضت من شهر ربيع الأول على رأس خمسة وعشرين شهراً من الهجرة النبوية (١). وكعب بن الأشرف، وأبوه عربي من طيء وأمه عقيلة بنت أبي الحقيق من بني النضير الذين حالفهم الأب وتزوج منهم، وكان كعب شاعراً يناصب الإسلام العداء (٢) وقد غاظه انتصار المسلمين ببدر وساءه الأمر فزار مكة، فكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويحرض عليه كفار قريش (٣) ويبكي قتلى المشركين ببدر ثم رجع إلى المدينة فشبب بنساء المسلمين (٤) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، وفصل البخاري خبر مقتله، وخلاصته أن محمد بن مسلمة الأنصاري أبدى استعداده لتنفيذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، واستأذنه في أن يستخدم الخديعة، فأذن له لأن كعباً صار محاربا مهدور الدم فمضى محمد بن مسلمة إلى كعب وطلب منه أن يقرضه تمراً ليدفعه للرسول مظهراً تذمره منه لما يكلفهم به، فأراد كعب رهينة من النساء أو الأبناء فاعتذر محمد بن مسلمة لما يلحقهم من عار ذلك وعرض عليه أن يرهن عنده السلاح فوافق كعب. فجاءه محمد بن مسلمة ليلاً ومعه صحابي آخر وهو أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة ومعهما ثلاثة آخرون من الصحابة، فنادوه فنزل إليهم ومشى معهم فاحتالوا لقتله متظاهرين بشم عطر شعره فأجهزوا عليه بسيوفهم حتى أصيب أحدهم بسيوف أصحابه (٥). وقد اشتكت اليهود مقتله، فبين لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ما صدر منه من عداء وهجاء، وفزعت يهود وبقايا المشركين مما حدث وخافوا على أنفسهم، فدعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كتابة معاهدة بينهم فكتبت صحيفة عامة كما تذكر رواية أبي داود في رواية تصلح للاحتجاج بها لما لها


(١) الواقدي: المغازي ١/ ١٨٤.
(٢) انظر ابن هشام: السيرة ٢/ ٥٦٤ وابن حجر: فتح الباري ٧/ ٣٣٧.
(٣) أبو داود: السنن ٣/ ٤٠٢. وانظر دلائل النبوة للبيهقي ٣/ ١٩٧.
(٤) ابن هشام: السيرة ٢/ ٥٦٤ - ٥٦٥ بإسناد ضعيف موقوف على أحد صغار التابعين لكن ما نقلناه مما يتساهل فيه وتؤيده الروايات الصحيحة الأخرى.
(٥) البخاري: الصحيح ٥/ ٢٥ - ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>