للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَيْهِ، فَأَتْبَعَهُ الْمَاءَ وَلَمْ يَغْسِلْهُ.

- وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: «يَغْسِلُهُ».

والواقع أن مذهب ابن أبي شيبة في التفريق بين بول الغلام والجارية اللذين لم يطعما - هو مذهب عامة المحدثين من أصحاب الصحاح والسنن (١) وغيرهم، كل روى الأحاديث في ذلك، يزيد بعضهم على بعض فيها، وإن كان البخاري ومسلم لم يرويا الحديث الذي فيه القصر والتصريح بالفرق بين بول الغلام والجارية.

وقد جمع ابن القيم روايات هذا الحديث وأنكر على من لم يأخذ به، كما ذكر أن الفقهاء في هذه المسألة ثلاثة أقوال: أحدهما: أنهما يغسلان جميعًا، والثاني: ينضحان، والثالث: التفرقة بين بول الصبي فحكمه النضح، وبول الصبية فحكمه الغسل، ثم أيد الرأي الثالث، وَبَيَّنَ أن الحكمة فيه كثرة حمل الرجال والنساء للذكر، فتعم البلوى ببوله فيشق غسله، وأن بوله لا ينزل في مكان واحد، بل ينزل متفرقًا فيشق غسله، بخلاف بول الأنثى (٢).

وذهب أبو حنيفة إلى وجوب الغسل من بول الغلام والجارية، وحمل النضح أو الرش في هذه الأحاديث على الغسل، بدليل ما جاء في السنة مما رواه البخاري أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الدَّمِ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَ: «إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الحَيْضَةِ، فَلْتَقْرُصْهُ، ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ، ثُمَّ لِتُصَلِّي فِيهِ» (٣)، والنضح هنا هو الغسل.


(١) انظر " البخاري ": ١/ ٣٤؛ و" مسلم بشرح النووي ": ٣/ ١٩٣، ١٩٤؛ " الترمذي ": ١/ ٩٢، ٩٤؛ " النسائي ": ١/ ١٥٧، [١٥٨]؛ " أبو داود ": ١/ ١٥٣، ١٥٥؛ و" ابن ماجه ": ١/ ١٨٤، ١٨٥.
(٢) انظر " إعلام الموقعين ": ٢ / [١٧٤]، ٤٢٦، ٤٢٧.
(٣) " البخاري بحاشية السندي ": ١/ ٤٣، وقد روى البخاري عقب هذا الحديث عن =

<<  <   >  >>