للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إبراهيم خطأ ظاهر، بدليل إكثار إبراهيم من الرأي والقياس، كما سيأتي، وبدليل رواية أخرى عن الراوي نفسه، ونصها:

«عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الأَعْوَرِ، قَالَ: لَمَّا كَثُرَتِ المَقَالاَتُ بِالْكُوفَةِ أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عِمْرَانَ، أَمَا تَرَى مَا ظَهَرَ بِالكُوفَةِ مِنَ المَقَالاَتِ؟ فَقَالَ: " أُوَّهْ، دَقَّقُوا قَوْلاً، وَاخْتَرَعُوا دِينًا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ، لَيْسَ مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَلاَ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الحَقُّ، وَمَا خَالَفَهُ بَاطِلٌ، لَقَدْ تَرَكُوا دِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِيَّاكَ وَإِيَّاهُمْ "» (١) كما روى أن إبراهيم قال أيضًا: «إِيَّاكُمْ وَهَذَا الرَّأْيَ المُحْدَثَ، يَعْنِي المُرْجِئَةَ» (٢).

وبعد ما تقدم نستطيع أن نجمل مظاهر الاتفاق والاختلاف بين المدرستين في عصر التابعين فيما يأتي:

١ - أن كلتا المدرستين تعتمدان على القرآن والحديث في تعرف الحكم.

٢ - أن كلا منهما كانت عندها حصيلة متقاربة من الحديث، سواء في الشيوخ أو في العدد، وساعد على هذا التقارب الرحلات العلمية واللقاءات المستمرة.

٣ - أن الإرسال كان شائع الاستعمال مقبولاً عند كل من المدرستين بلا إنكار إذ لم يكن الاهتمام بالرواية والإسناد قد أخذ صورة جادة فقد كان الاهتمام الفقهي أبرز من صناعة الرواية.

٤ - أنهما كانا يستعملان الرأي بدرجة متقاربة، وصورة متشابهة فكل من المدرستين تجمع ما استطاعت من أقوال الصحابة وفتاواهم وقضاياهم، وتنظر فيها نظر اعتبار وتحقيق وتطبيق. يقول الحجوي:


(١) " حلية الأولياء ": ١/ ٢٢٣.
(٢) " الطبقات " لابن سعد: ٦/ ١٩١.

<<  <   >  >>