للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرفوع فيستدل به فيما يعقده من الأبواب. ومن أمثلة ذلك ما جاء في الباب الذي ترجمه بقوله: (بَابُ مَنْ رَأَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُوجِبِ السُّجُودَ. وَقِيلَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا»، قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ قَعَدَ لَهَا كَأَنَّهُ لاَ يُوجِبُهُ عَلَيْهِ». وَقَالَ سَلْمَانُ: «مَا لِهَذَا غَدَوْنَا» وَقَالَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا ...». وقد روى البخاري في هذا الباب «أَنَّ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَرَأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ حَتَّى إِذَا كَانَتْ الجُمُعَةُ القَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ، قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ، فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ، فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ» وَزَادَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إِلاَّ أَنْ نَشَاءَ» (١).

ونلاحظ أن هذا الحديث ليس فيه إضافة إلى قول للرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو إلى عمل له، وإنما فيه قول عمر فقط، إلا أن يقال إنه ذكر ذلك بمحضر الصحابة، ولم ينكر عليه أحد، فصار إجماعًا، والإجماع لا يكون إلا عن توقيف عند من يرى ذلك.

إلى غير ذلك من الأمثلة العديدة التي حفل بها " صحيح البخاري " (٢).

ولم يأخذ الظاهرية بأقوال الصحابة والتابعين، ونعى ابن حزم على من يأخذ بأقوال الصحابة فيما لا مدخل للرأي فيه، مرجحًا أنه لا يقول ذلك إلا عن توقيف، وقد أبطل ابن حزم ذلك، مبينًا أن أقوال الصحابة فيها الصواب والخطأ (٣).


(١) " البخاري بحاشية السندي ": ١/ ١٢٥.
(٢) انظر - كتاب التفسير - من " صحيح البخاري "، و: ١/ ٣٥، ٥١. ٢/ ٢٨، ٩٦. ٣/ ٢٧٢. ٤/ ٢٥٦ في موضعين، وغيرها.
(٣) انظر " الإحكام "، لابن حزم: ٢/ ٧٤، ٧٦.

<<  <   >  >>