للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً فَجَاءَ آخَرُ فَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا؟ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: " يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا الأُولَى، وَتَأْتَنِفُ مِنْ هَذِهِ عِدَّةً جَدِيدَةً، وَيُجْعَلُ صَدَاقُهَا فِي بَيْتِ المَالِ، وَلاَ يَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا وَيَصِيرُ الأَوَّلُ خَاطِبًا ".

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: " يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا الأُولَى، وَتَسْتَقْبِلُ مِنْ هَذَا عِدَّةً جَدِيدَةً وَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَيَصِيرُ كِلاَهُمَا خَاطِبَيْنِ - قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِقَوْلِ هَذَيْنِ، فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ بِرَأْيٍ فَبُلْ عَلَيْهِ (١).

وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ المُتْعَةِ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ , فَقَالَ: «كَرِهَهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - , فَإِنْ يَكُنْ عِلْمًا فَهُمَا أَعْلَمُ مِنِّي، وَإِنْ يَكُنْ رَأْيًا فَرَأْيُهُمَا أَفْضَلُ» (٢).

وقد كان أحمد بن حنبل يقدر الصحابة ويجلهم، ويتتبع خطاهم ويتأسى بهم.

رَوَى عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْسَعَ، وَالبُرُّ أَفْضَلُ مِنْ التَّمْرِ "» قَالَ: إنَّ أَصْحَابِي سَلَكُوا طَرِيقًا، وَأَنَا أُحِبُّ أَنَّ أَسْلُكَهُ.

قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: «وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ جَمَاعَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يُخْرِجُونَ التَّمْرَ فَأَحَبَّ ابْنُ عُمَرَ مُوَافَقَتَهُمْ، وَسُلُوكَ طَرِيقَتِهِمْ، وَأَحَبَّ أَحْمَدُ، أَيْضًا الاقْتِدَاءَ بِهِمْ وَاتِّبَاعَهُمْ» (٣) (*)، فكان أحب إليه أن يخرج التمر في زكاة الفطر.

وقد ذكرنا فيما مضى أن ورع ابن عمر دفعه إلى التشدد حتى «إِنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ المَاءَ فِي عَيْنَيْهِ فِي الوُضُوءِ» (**)، وقد ذكر بعض الحنابلة لذلك أن إدخال


(١) " المحلى ": ٩/ ٤٨٠.
(٢) " جامع بيان العلم ": ٢/ ٣١.
(٣) " المغني ": ٣/ ٦٢.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) إلى هذا الحد ينتهي كلام ابن قدامة في " المغني " وما يتلوه من كلام المؤلف - حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى -.
(**) قارن بالصفحة ١٨١ من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>