للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذهب البخاري إلى أن الإيمان يزيد وينقص، فقال في كتاب الإيمان مستدلاً على ذلك: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ»، وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: ٤]، {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣]، {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦]، {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: ١٧]، وَقَوْلُهُ: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: ٣١]، وَقَوْلُهُ: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: ١٢٤]، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: ١٧٣] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٢٢] (١).

فانظر كيف جمع البخاري هذا الحشد من الآيات المتناظرة ليستدل بها على ما ذهب إليه!.

وكقوله: بَابٌ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} [محمد: ١٩] فَبَدَأَ بِالعِلْمِ (٢).

وفي «تَعْذِيبِ المَيِّتِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» يجمع بين ما روى عن ابن عمر في ذلك، وما روى عن عائشة، مستدلاً بالقرآن، فيقول: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: ٦]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» فَإِذَا لَمْ يَكُنْ


(١) " البخاري ": ١/ ٥، ٦. والآيات على التوالي [الفتح: ٤]، [الكهف: ١٣]، [مريم: ٧٦]، [محمد: ١٧]، [المدثر: ٣١]، [التوبة: ١٢٤]، [آل عمران: ١٧٣]، [الأحزاب: ٢٢].
(٢) " البخاري ": ١/ ١٥. والآية هي [محمد: ١٩].

<<  <   >  >>