للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي اللَّقِيطِ وَالنَّفَقَةِ وَامْتِنَاعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي هَذِهِ الْحُقُوقِ هُوَ الْمَالُ وَبَيَانُ صُورَةِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَجَاحِدُ الْقَوَدِ فَإِنْ نَكَلَ فِي النَّفْسِ حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ، وَفِيمَا دُونَهُ يُقْتَصُّ) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَزِمَهُ الْأَرْشُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ عِنْدَهُمَا فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَيَجِبُ بِهِ الْمَالِ خُصُوصًا إذَا كَانَ امْتِنَاعُ الْقِصَاصِ لِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ مَنْ عَلَيْهِ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِالْخَطَأِ وَالْوَلِيُّ يَدَّعِي الْعَمْدَ، وَلَهُ أَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ فَيَجْرِي فِيهَا الْبَدَلُ بِخِلَافِ الْأَنْفُسِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَهَذَا إعْمَالٌ لِلْبَذْلِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَهَذَا الْبَذْلُ مُفِيدٌ لِانْدِفَاعِ الْخُصُومَةِ بِهِ فَصَارَ كَقَطْعِ الْيَدِ لِلْأَكِلَةِ، وَقَلْعِ السِّنِّ لِلْوَجَعِ، وَإِذَا امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَالْيَمِينُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ يُحْبَسُ بِهِ كَمَا فِي الْقَسَامَةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ ثُمَّ فِي كَيْفِيَّةِ التَّحْلِيفِ فِي الْقَتْلِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك دَمُ ابْنِهِ فُلَانٍ، وَلَا دَمُ عَبْدِهِ فُلَانٍ، وَلَا دَمُ وَلِيِّهِ فُلَانٍ، وَلَا قِبَلَك حَقٌّ بِسَبَبِ هَذَا الدَّمِ الَّذِي يَدَّعِي، وَفِي رِوَايَةٍ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْت فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، وَلِيَّ هَذَا عَمْدًا، وَفِيمَا سِوَى الْقَتْلِ مِنْ الْقَطْعِ وَالشَّجَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك قَطْعُ هَذِهِ الْيَدِ، وَلَا لَهُ قِبَلَك حَقٌّ بِسَبَبِهَا وَكَذَلِكَ فِي الشِّجَاجِ وَالْجِرَاحَاتِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ.

وَإِذَا ادَّعَى قَتْلَ أَبِيهِ خَطَأً أَوْ وَلِيًّا لَهُ أَوْ قَطْعَ يَدَهِ أَوْ شَجِّهِ خَطَأً إذَا ادَّعَى شَيْئًا فِيهِ دِيَةٌ أَوْ أَرْشٌ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا لِفُلَانٍ عَلَيْك هَذَا الْحَقُّ الَّذِي يَدَّعِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَى، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَيُسَمِّي الدِّيَةَ وَالْأَرْشَ عِنْدَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَالًا فَيَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كُلُّ حَقٍّ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْت ابْنَ فُلَانٍ هَذَا، وَفِي الشَّجَّةِ بِاَللَّهِ مَا شَجَجْت هَذَا هَذِهِ الشَّجَّةَ الَّتِي يَدَّعِي، وَكُلُّ جِنَايَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْأَرْشُ أَوْ الدِّيَةُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُسْتَحْلَفُ كَمَا يُسْتَحْلَفُ فِي الْقِصَاصِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ وَطَلَبَ الْيَمِينَ لَمْ يُسْتَحْلَفْ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُسْتَحْلَفُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ بِالْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ فَإِذَا طَالَبَهُ بِهِ يُجِيبُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ فِي الْيَمِينِ مُرَتَّبٌ عَلَى الْعَجْزِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا رَوَيْنَاهُ فَلَا يَكُونُ حَقُّهُ دُونَهُ وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ، وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ أَطْلَقَ فِي حُضُورِهَا فَشَمِلَ حُضُورَهَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَحُضُورُهَا فِي الْمِصْرِ، وَهُوَ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ وَحُضُورُهَا فِي الْمِصْرِ بِصِفَةِ الْمَرَضِ، وَظَاهِرُ مَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ الِاسْتِحْلَافُ يَجْرِي فِي الدَّعَاوَى الصَّحِيحَةِ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَقُولُ الْمُدَّعِي لَا شُهُودَ لِي أَوْ شُهُودِي غُيَّبٌ أَوْ مَرْضَى. اهـ.

وَقَيَّدَ بِحُضُورِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ خَارِجَ الْمِصْرِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ اتِّفَاقًا، وَفِي الْمُجْتَبَى: وَقُدِّرَتْ الْغَيْبَةُ بِمَسِيرَةِ السَّفَرِ. اهـ.

وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ حَاضِرَةٌ، وَلَمْ يُخْبِرْ الْقَاضِيَ بِهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِاسْتِحْلَافِ وَبَيْنَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ ثُمَّ رَقَّمَ بَعْدَهُ لِآخَرَ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَنْكُلُ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ كَاذِبًا لَا يُعْذَرُ فِي التَّحْلِيفِ، وَفِيهَا أَيْضًا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيصَالَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَطَلَبَ يَمِينَهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي اجْعَلْ حَقِّي فِي الْخَتْمِ ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي فَلَهُ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا. اهـ.

وَلَوْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَقِيلَ لَا يَقْبَلُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَقَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ، وَقِيلَ لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) كَيْ لَا يُغَيِّبَ نَفْسَهُ فَيَضِيعَ حَقُّهُ، وَأَخْذُ الْكَفِيلِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى اسْتِحْسَانًا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلْمُدَّعِي، وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ ضَرَرٍ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى حَتَّى يُعَدَّى عَلَيْهِ وَيُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَشْغَالِهِ فَصَحَّ التَّكْفِيلُ بِإِحْضَارِهِ وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يُرْوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي وَصَحَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ إلَى جُلُوسِ الْقَاضِي مَجْلِسًا آخَرَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الثَّانِي، وَفَاعِلُهُ قِيلَ الْقَاضِي بِطَلَبِ الْمُدَّعِي كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَطْلُبُ الْقَاضِي مِنْهُ كَفِيلًا، وَفِي الصُّغْرَى هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>