وَهِيَ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا، أَوْ الثُّلُثَانِ عَلَى مَا مَرَّ وَقَيَّدَ بِأُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْقِنَّةَ لِلنَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَتْ فَإِنَّ الْمَوْلَى يُؤْمَرُ بِالْبَيْعِ وَكَذَا قِنُّهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ أَوْجَبَ الْحُقُوقَ؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَ رُبَّمَا يَعْجِزُ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِ فَصَارَتْ الْكِتَابَةُ بِمَنْزِلَةِ الْبَدَلِ عَنْ الْبَيْعِ وَلَا يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ مَا دَامَ الْأَصْلُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَيَّدَ مِسْكِينٌ الْجَبْرَ عَلَى الْبَيْعِ بِعَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ فَيَأْبَى، وَفِي الْمُحِيطِ: وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهَا بِالْقِيمَةِ، ثُمَّ مَاتَتْ وَلَهَا وَلَدٌ وَلَدَتْهُ فِي السِّعَايَةِ سَعَى الْوَلَدُ فِيمَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ صَارَ مُسْتَسْعًى تَبَعًا لِأُمِّهِ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَتْ بِنِكَاحٍ فَمَلَكَهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ) لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْجُزْئِيَّةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ وَالْجُزْئِيَّةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَلًا وَقَدْ ثَبَتَ النَّسَبُ فَتَثْبُتُ الْجُزْئِيَّةُ بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ وَقَدْ كَانَ الْمَانِعُ حِينَ الْوِلَادَةِ مِلْكَ الْغَيْرِ وَقَدْ زَالَ قَيَّدَ بِالنِّكَاحِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ بِالزِّنَا ثُمَّ مَلَكَهَا فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ فِيهِ لِلْوَلَدِ إلَى الزَّانِي، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ عَلَى الزَّانِي إذَا مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ حَقِيقَةً بِلَا وَاسِطَةٍ نَظِيرُهُ مَنْ اشْتَرَى أَخَاهُ مِنْ الزِّنَا لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ نَسَبِهِ إلَى الْوَالِدِ وَهِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ، وَالْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ كَالنِّكَاحِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَأَطْلَقَ فِي الْمِلْكِ فَشَمِلَ الْكُلَّ وَالْبَعْضَ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ الْمَنْكُوحَةُ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا هُوَ وَآخَرُ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلزَّوْجِ لِمَا قُلْنَا وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالشِّرَاءِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَانْتَقَلَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ إلَيْهِ بِالضَّمَانِ، وَإِنْ وَرِثَا مَعًا الْوَلَدَ وَكَانَ الشَّرِيكُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَلَدِ عَتَقَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ أَجْنَبِيًّا سَعَى الْوَلَدُ لِلشَّرِيكِ فِي حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا عَتَقَ نَصِيبُ الْأَبِ فَسَدَ نَصِيبُ شَرِيكِهِ اهـ.
أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إلَى أَنَّ أَوْلَادَهَا مِنْهُ أَحْرَارٌ إذَا مَلَكَهُمْ؛ لِأَنَّ «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ» ، الْحَدِيثَ، وَلَوْ مَلَكَ وَلَدًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِ لَا يَعْتِقُ وَلَهُ بَيْعُهُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مِنْ حِينِ الْمِلْكِ لَا مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الْحَادِثُ فِي مِلْكِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ بِالِاتِّفَاقِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ جَارِيَةً لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا لِأَنَّهُ وَطِئَ أُمَّهَا، وَهَذِهِ إجْمَاعِيَّةٌ وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى إطْلَاقِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ كَأُمِّهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً هِيَ أُمُّ وَلَدِ الْغَيْرِ مِنْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِحَالِهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مَوْلَاهَا وَقُضِيَ لَهُ بِهَا فَعَلَى أَبِي الْوَلَدِ - وَهُوَ الْمُشْتَرِي - قِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ بِسَبَبِ الْغُرُورِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ لَا مَالِيَّةَ فِيهِ كَأُمِّهِ إلَّا أَنَّهُ ضَمِنَ مَعَ هَذَا قِيمَتَهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يَكُونُ فِيهِ مَالِيَّةٌ بَعْدَ ثُبُوتِ حُكْمِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِيهِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهُ عَلِقَ حُرَّ الْأَصْلِ فَلِذَا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
فَحَاصِلُهُ أَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ الْمَوْلَى كَأُمِّهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فَإِذَا مَلَكَ مَنْ اسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ وَبِنْتَهَا مِنْ غَيْرِهِ الْحَادِثَةَ قَبْلَ الْمِلْكِ وَالْبِنْتَ الْحَادِثَةَ مِنْ رَجُلٍ بَعْدَ الْمِلْكِ وَأَعْتَقَهُنَّ، ثُمَّ اشْتَرَاهُنَّ بَعْدَ السَّبْيِ وَالِارْتِدَادِ عُدْنَ كَمَا كُنَّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْبِنْتِ الْأُولَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْأُمِّ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْبِنْتَيْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ، وَلَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَنِصْفُ عُقْرِهَا لَا قِيمَتُهُ) أَمَّا ثُبُوتُ النَّسَبِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ فِي نِصْفِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ ثَبَتَ فِي الْبَاقِي ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ لِمَا أَنَّ سَبَبَهُ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْعُلُوقُ إذْ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ لَا يَعْلَقُ مِنْ مَاءَيْنِ، وَأَمَّا صَيْرُورَتُهَا أُمَّ وَلَدٍ فَلِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، ثُمَّ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ إذْ هُوَ قَابِلٌ لِلْمِلْكِ، وَأَمَّا ضَمَانُ نِصْفِ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَمَّا اسْتَكْمَلَ الِاسْتِيلَادَ، وَأَمَّا ضَمَانُ نِصْفِ الْعُقْرِ فَلِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً إذْ الْمِلْكُ ثَبَتَ حُكْمًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَعْقُبُهُ الْمِلْكُ فِي نَصِيبِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute