وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَرْفَعُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ قَضَى قَاضٍ بِجَوَازِ بَيْعِهَا لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءِ قَاضٍ آخَرَ إمْضَاءً، وَإِبْطَالًا اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ، ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَسُبِيَتْ وَمَلَكَهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ قَائِمٌ وَهُوَ إثْبَاتُ النَّسَبِ مِنْهُ فَإِنْ أَعْتَقَ الْمُدَبَّرَةَ، ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَسُبِيَتْ فَمَلَكَهَا لَا تَصِيرُ مُدَبَّرَةً؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ الْمُدَبَّرِ وَصَلَ إلَيْهِ بِالْإِعْتَاقِ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ فَلَا يَبْقَى عِتْقُهَا مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْإِعْتَاقِ وَالِارْتِدَادِ لِقِيَامِ سَبَبِهِ وَهُوَ ثَبَاتُ نَسَبِ الْوَلَدِ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَيَنْبَغِي لِلْمَوْلَى أَنْ يُشْهِدَ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَةَ وَلَدَتْ مِنْهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُسْتَرَقَّ وَلَدُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَدَّمْنَا فِي تَزَوُّجِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ تَلِدَ أَمَتُهُ مِنْهُ وَلَا تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ أَنْ يُمَلِّكَهَا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. .
(قَوْلُهُ: وَتُوطَأُ وَتُسْتَخْدَمُ وَتُؤَجَّرُ وَتُزَوَّجُ) لِأَنَّ الْمِلْكَ قَائِمٌ فِيهَا فَأَشْبَهَتْ الْمُدَبَّرَةَ فَكُلُّ تَصَرُّفٍ يُبْطِلُ هَذَا الْحَقَّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهَا وَمَا لَا يُبْطِلُهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَأَفَادَ بِالْوَطْءِ وَالِاسْتِخْدَامِ أَنَّ الْكَسْبَ وَالْغَلَّةَ وَالْعُقْرَ وَالْمَهْرَ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْمَنَافِعُ عَلَى مِلْكِهِ، وَكَذَا مِلْكُ الْعَيْنِ قَائِمٌ وَأَفَادَ بِالتَّزْوِيجِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ قَالُوا: هُوَ مُسْتَحَبٌّ كَاسْتِبْرَاءِ الْبَائِعِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَبِلَتْ مِنْهُ فَيَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَكَانَ تَعْرِيضًا لِلْفَسَادِ وَلَوْ زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الْمَوْلَى وَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ زَوْجُهَا، وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ وَلَدُ الزَّوْجِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى وَلَكِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ بَاعَ خِدْمَتَهَا مِنْهَا، أَوْ كَاتَبَهَا عَلَى خِدْمَتِهَا جَازَ وَتَعْتِقُ إذَا بَاعَ خِدْمَتَهَا مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) بَيَانٌ لِشَرْطِ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ فَأَفَادَ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا وَلَدَتْ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا إذَا ادَّعَى الْوَلَدَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْأَمَةِ يُقْصَدُ بِهِ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ دُونَ الْوَلَدِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّعْوَةِ بِمَنْزِلَةِ مِلْكِ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ بِخِلَافِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَعَيَّنُ مَقْصُودًا مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الدَّعْوَةِ فَإِذَا اعْتَرَفَ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَجَاءَتْ بِالثَّانِي فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ بِدَعْوَى الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا مِنْهَا فَصَارَتْ فِرَاشًا كَالْمَعْقُودَةِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ فَهُوَ مِنِّي، وَإِنْ كَانَ جَارِيَةٌ فَلَيْسَ مِنِّي يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ غُلَامًا كَانَ، أَوْ جَارِيَةً وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك وَلَدٌ فَهُوَ مِنِّي إلَى سَنَتَيْنِ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالتَّوْقِيتُ بَاطِلٌ اهـ.
وَأَطْلَقَ فِي ثُبُوتِ نَسَبِ الثَّانِي بِلَا دَعْوَةٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا تَكُونَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً، أَوْ لَا فَإِنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا بِدَعْوَةٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا بَعْدَ الْحُرْمَةِ فَكَانَتْ حُرْمَةُ الْوَطْءِ كَالنَّفْيِ دَلَالَةً كَمَا لَوْ وَطِئَهَا ابْنُ الْمَوْلَى، أَوْ أَبُوهُ، أَوْ وَطِئَ الْمَوْلَى أُمَّهَا، أَوْ بِنْتَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ زَوَّجَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ التَّزْوِيجِ، وَإِنْ ادَّعَى فِي الْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ يَثْبُتُ النَّسَبُ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ وَفِي الْمُزَوَّجَةِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِكِتَابَةٍ، وَإِنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْطَعُ نِكَاحَ الْحُرَّةِ وَلَا يُزِيلُ فِرَاشَهَا كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ وَالصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ بِلَا دَعْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ عَارِضٌ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْفِرَاشِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ السِّتَّةِ أَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ عُرُوضِ الْحُرْمَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ لِلتَّيَقُّنِ بِأَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ قَبْلَ عُرُوضِهَا وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: أَمَةٌ لِرَجُلٍ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ ادَّعَى الْأَصْغَرَ يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَصْغَرِ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأَخِيرَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ ادَّعَى نَسَبَ الْأَكْبَرِ ثَبَتَ نَسَبُ الْأَكْبَرِ
ــ
[منحة الخالق]
فَإِنَّ نَسَبَهُ إنَّمَا يَثْبُتُ مِنْ الْعَبْدِ لَا مِنْ السَّيِّدِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِإِقْرَارِهِ بِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الشَّرْعُ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِكِتَابَةٍ) تَشْبِيهٌ بِالْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ تَأْبِيدًا فِي أَنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute