للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أنه مفعول له (١)، ومن {حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ} هو أبو عامر الفاسق (٢) كان قد ترهب ولبس المسوح بالمدينة قبل مقدم رسول الله، فلما هاجر إليها رسول الله أتاه أبو عامر الفاسق، وقال: ما هذا الدين الذي جئت به؟ قال -عليه السلام- (٣): "هذا دين إبراهيم" قال أبو عامر: فأنا على دين إبراهيم، فقال -عليه السلام- (٣): "هذا دين إبراهيم أنا عليه" قال أبو عامر: بل أدخلت فيه ما ليس منه، قال رسول الله: "بل جئت بالحنيفية بيضاء نقية"، قال أبو عامر: أمات الله الكاذب منّا طريدًا وحيدًا، لا أجد قومًا يقاتلونك إلا قاتلتك معهم، وانضوى إلى الكفار فقاتلوا يوم أحد وبعد ذلك إلى يوم حنين، فلما انهزمت هوازن ويئس الملعون (٤) عن مشركي العرب خرج إلى الشام ليستنصر قيصر، وكان يأمر المنافقين ببناء هذا المسجد ويخبرهم بأنه سيأتيهم بجنود لا قبل لهم بها: لا حد بها فلم يمكنه الله سبحانه وتعالى من ذلك وأماته بالشام طريدًا وحيدًا، وابن أبي عامر الفاسق إنما هو حنظلة غسيل الملائكة (٥)، {إِنْ أَرَدْنَا} ما أردنا (٦)، {إِلَّا الْحُسْنَى} إلا استمالة أبي عامر ليرجع ويسلم فكذبهم الله تعالى.


= وابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق (٢/ ٥٢٩ - ٥٣٠)، والبيهقي في الدلائل (٥/ ٢٦٢، ٢٦٣).
(١) هذا أحد الأوجه في إعراب "ضرارًا" أي: مُضَارَّةَ لإخوانهم. والوجه الثاني: أنه مفعول ثانٍ لـ "اتخذ" قاله أبو البقاء العكبري، والوجه الثالث: أنه مصدر في موضع الحال من فاعل "اتخذوا" أي: اتخذوه مُضَارِّين لإخوانهم.
[الإملاء (٢/ ٢٢)، الدر المصون (٦/ ١٢٠)].
(٢) ذكره ابن أبي حاتم (٦/ ١٨٧٩) وأما قصة أبو عامر الراهب فذكرها البغوي (٩٣)، والقرطبي (٧/ ٢٨٠).
(٣) (السلام) ليست في "ي".
(٤) (الملعون) ليس في "ب".
(٥) أي: أن حنظلة بن أبي عامر أسلم فأصبحِ من خيار الصحابة واستشهد في غزوة أحد، ولما نودي بالجهاد في غزوة أُحد خرج مسرعًا وهو جنب فقتل في غزوة أحد فقال -عليه السلام-: "إن صاحبكم تغسله الملائكة"، وانظر: الإصابة (٢/ ٢٩٨)، رقم الترجمة (١١٣٩).
(٦) أي: أن "إِنْ" نافية ولذلك وقع بعدها "إلا" وقوله: {إِنْ أَرَدْنَا} جواب لقوله: {وَلَيَحْلِفُنَّ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>