للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتاه وقد أدخل حفرته، وقال: يا رسول الله، أفلا قبل أن يدخلوه حفرته، فاستخرج فتفل عليه رسول الله من قرنه (١) إلى قدمه وألبسه قميصه (٢)، دلّ أنه لم يصلِّ عليه صلاة الجنازة، ولكنه كان مخيَّرًا بين الاستغفار وتركه لإشماله عشائرهم وأولادهم، والمقصود من لفظة السبعين هي المبالغة دون العدد (٣)؛ لأنها مأخوذة من السبع التي هي نهاية كثير من الأعداد؛ منها عدد آيات فاتحة الكتاب، وأجزاء القرآن والسور الطوال والمثاني، وعدد التائبين مع رسول الله (٤) يوم حنين، وعدد السماوات والأرض والأنجم السيارة والأقاليم والأبحر، والأيام والألوان وأعضاء السجود، وطبقات النار، وليالي عاد، وسني يوسف -عليه السلام- (٥) والسنبلات والبقرات، وأشواط الطواف وأشواط السعي، وأركان الصلاة وهي: الافتتاح والقيام والقراءة والركوع والسجود والتشهد والخروج، وأجناس أموال الزكاة، وهي: الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والخيل وما أخرجت الأرض، وأجناس الحيوان: كالطائر والقافز والماشي والزاحف والعائم والمنساب والمحتلج، والجهات المستقيمة مع الحيثية.

ومما أخذ من السبع للمبالغة قوله: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: ٢٦١] وقوله: {ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا} [الحاقة: ٣٢]


(١) في الأصل و"أ": (قرن).
(٢) هذه رواية أحمد (٣/ ٣٧١) عن أبي الزبير عن جابر، ورواه مسلم (٢٧٧٣) عن عمرو أنه سمع جابر.
(٣) ومثله ما تقدم في قوله تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ} [التوبة: ٥٣] وهو أمر بمعنى الخبر -كما قال الزمخشري- ومثله: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠]، وهذا أسلوب معروف في كلام العرب ومنه قول كثير عزة:
أَسِيْئي بنا أو أحسني لا ملومةٌ ... لدينا ولا مقْلِيَّةٌ إِنْ تَقَلَّت
وقوله: {سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: ٨٠]، هو أن حصر العدد بالسبعين أسلوب تكثيري تستعمله العرب في الآحاد من سبعة، وفي العشرات من سبعين.
[زاد المسير (٢/ ٢٨٤)، الكشاف (٢/ ١٩٥)، ديوان كثير عزة (١/ ٥٣)].
(٤) في "ب": (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
(٥) (السلام) ليست في "ي".

<<  <  ج: ص:  >  >>