للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وامتحانك فإنه لا طير إلا طيرك ولا إله غيرك {تُضِلُّ بِهَا} بالفتنة {مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} أي بها وبغيرها.

{وَاكْتُبْ} وأوجب {هُدْنَا إِلَيْكَ} تبنا إليك (١)، وقال ابن عرفة (٢): مكنا إلى أمرك، ومنه الهوادة قيل: من هذا اللفظ اشتقاق لقب اليهود، وقيل: بل اللفظة من لقبهم. {عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ} أي يسع كل شيء إن شئت {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} بالآلاء والنعماء {فَسَأَكْتُبُهَا} أي الحسنة في الدارين والرحمة أو الآخرة نفسها للمذكورين خالصة يوم القيامة {بِآيَاتِنَا} كلها.

{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ} يحتمل أنها نزلت على موسى -عليه السلام- ويحتمل أنها نزلت على نبينا -عليه السلام- (٣) مستأنفة ليقطع دعاوي (٤) اليهود والنصارى عن الإيمان بالآيات، وإنما وصف بالأمّي لأنه لم يكن يتلو قبله من كتاب ولا يخطّه بيمينه (٥)، ولأنه كان من أم القرى ولأنه لم يكن من (٦) نسل أهل الكتاب {يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} دليل أن اسم


(١) قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - وسعيد بن جبير وإبراهيم التيمي وقتادة ومجاهد والسدي رواه عنهم جميعًا الطبري في تفسيره (١٠/ ٤٨٠)، وابن أبي شيبة (١٣/ ٥٤٠)، وابن أبي حاتم (٩٠٤١).
(٢) نقله بمعناه عن الحسن بن عرفة الأزهري في تهذيب اللغة (٦/ ٣٩١ - هاد) وقد تقدم الكلام على معنى هذه الكلمة في سورة "البقرة" عند قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} [البَقَرَة: ٦٢].
(٣) روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وسعيد بن جبير أنها نزلت في أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وأنها هي المعنية بذلك، ولذا روي عن سعيد بن جبير أنه قال: قال موسى -عليه السلام-: ليتني خلقت من أمة محمَّد، أخرج ذلك كله الطبري في تفسيره (١٠/ ٤٨٩) وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٣/ ١٣١) إلى أبى الشيخ.
(٤) في "ب": (دوي).
(٥) الأصل أن كلمة أُمَّي نسبة إلى الأم لأن الكتابة قبل الإسلام في الجاهلية كانت في الرجال دون النساء حتى نسب من لا يكتب إلى أُمَّه دون أبيه، والمعروف المستفيض من كلام العرب أن الأمي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب. هذا ما ذكره ابن جرير الطبري في تفسيره (٢/ ١٥٣).
(٦) في "أ": (ولأنه كان نسْل).

<<  <  ج: ص:  >  >>