وقد أمر الله - عَزَّ وَجَلَّ - بالاستعاذة عند القراءة لكتاب الله فقال - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} [النحل: ٩٨] ولا يأْثم تاركها عند جمهور أهل العلم. ومن فضائل الاستعاذة: أولًا: أنها تدفع الوسوسة، كما في قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)} [الأعراف: ٢٠٠،فصلت:٣٦]. ثانيًا: أنها تُذهب الغضب. ويدلّ لذلك ما رواه سليمان بن صُرَد - رضي الله عنه - قال: استبَّ رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فغضب أحدهما فاشتدَّ غضبه حتى انتفخ وجهه وتغيَّر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه الذي يجد"، فانطلق إليه الرجل فأخبره بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "تعوذ بالله من الشيطان ... "الحديث [أخرجه البخاري في صحيحه- كتاب الأدب- باب ما ينهى عن السباب واللعن رقم ٦٠٤٨] و [مسلم في صحيحه- كتاب البر والصلة والآداب- باب فضل من يملك نفسه عند الغضب، رقم ٢٦١٠]. (٢) وقيل: الباء للملابسة، أي: المصاحبة والإلصاق، وكلها -أي الثلاثة - بمعنى واحد. وقد جاء على نحو هذا المعنى قوله تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} وقولهم: "بالرفاء والبنين"، وهذا المعنى- كما قال العلامة محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير" (١/ ١٤٧): هو أكثر معاني الباء وأشهرها. ولذا قال سيبويه: الإلصاق لا يفارق الباء وإليه ترجع تصاريف معانيها. كما رجَّحَ الزمخشري في "الكشاف" ما رجحه سيبويه وقال: الملابسة أعرب وأحسن، أي أحسن من جعل الباء للآلة لما فيه من زيادة التبرك بملابسة جميع أجزاء الفعل لاسمه تعالى، ويرى السمين الحلبي "الدر المصون" (١/ ١٤) أنَّ الباء للاستعانة وأن المعنى: أقرأ مستعينًا بالله.