للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} لا ترفع أرواحهم إلى عليين ولا أعمالهم إذ ليس لهم كلام طيّب ولا عمل صالح، وقيل: لا يبارك عليهم فإن البركات تنزل من السماء، وقيل: لا يرحمون {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ} وهو من الإبل كالرجل من الناس {فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} ثقبة الإبرة وخرقها، وفي مصحف ابن عباس: {الْجَمَلُ} بضم الجيم وتشديد الميم وهو حبل السفينة (١)، وفي مصحف ابن مسعود {في سم المخيط} (٢)؛ وهو كالإزار والمئزر، وولوج الجمل في سم الخياط غير متصور إلا بتقليب أحدهما وتعسر التركيب وحينئذ لا يبقى الاسم وهي غاية الإياس كقول الشاعر:

إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القلب كاللّبن الحليب (٣)

{وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} جمع غاشية.

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} وفائدة العارض بين المبتدأ والخبر هو الأمن من التكليف بما فوق الطاقة من الأعمال الصالحات ووقوف الثواب (٤) عليه.

{مِنْ غِلٍّ} تفسير لما في صدورهم، والغل الدخلة والضغن والحقد، والمراد بالهداية ما وعد الله المؤمنين بقوله {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الحديد: ١٢] وقيل: الوحي الكتاب لأن الإيمان قبل الدعوة لا يوجب الجنة وإن كان في نفسه مسقطًا للعقاب، والمراد بالرسل: الذين يدخلونهم الجنة


(١) سعيد بن منصور (٩٤٩ - تفسير)، وأبو عبيد (١٧٢)، وابن جرير (١٠/ ١٩١، ١٩٢)، وعزاه في "الدر المنثور" إضافة للمذكور (٦/ ٣٩١) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في "المصاحف" وأبو الشيخ.
(٢) انظر: "زاد المسير" (٣/ ١٩٨)، الألوسي "روح المعاني" (٨/ ١١٩).
(٣) هذا البيت ذكره جمع دون نسبة لأحد، ذكره الفقهاء والمفسرون كما في المغني (٨/ ٥٠٩)، والفرج بعد الشدة للتنوخي (١/ ١١٠)، وأبو نعيم في الحلية (٧/ ٢٨٩)، والألوسي في روح المعاني (٩/ ٥)، والماوردي في تفسيره (٢/ ٢٨)، والسمين الحلبي في الدر المصون (٥/ ٣٢٠).
(٤) في الأصل "أ": (الثوب).

<<  <  ج: ص:  >  >>