للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{هَلُمَّ} تعال وأقبل (١)، وإذا قلت: هلم كذا فمعناه هاته يجري مجرى الحروف، {شُهَدَاءَكُمُ} أي: يأتوا بشهداء عدول من غير أنفسهم فإنهم مدعون، فلو قامت دعواهم مقام الشاهد لكان الشيء المشكوك فيه حجة لنفسه وهذا لا يكون إلا بالإعجاز، ولذلك قال الله تعالى: {فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ}.

{إِمْلَاقٍ} إعدام وإعسار، و {الْفَوَاحِشَ} جميع المعاصي، وقيل: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} نكاح المحرمات والزنا، {وَمَا بَطَنَ} اتخاذ الأخدان، وقيل: {مَا ظَهَرَ} فعل الجوارح، {وَمَا بَطَنَ} فعل القلب، {إِلَّا بِالْحَقِّ} القصاص، قتله الولي وكذلك المرجوم.

{إِلَّا بِالَّتِي} بالجهر التي هي أحوط، والخصلة التي هي أحسن {أَشُدَّهُ} جمع شد (٢) وأشد الرجال ما بين خمس عشرة إلى ثمان عشرة سنة حتى أربعين سنة و {الْكَيْلَ} اسم لوعاء مقدر يقدر به الحبوب، ورفع الجناح فيما يتعذر حفظه من الحبات والقراريط في الكيل والوزن، {وَإِذَا قُلْتُمْ} أي: شهدتم، (عهد الله) شرائع الإسلام، وقيل: اليمين المعقودة باسمه.


(١) "هَلُمَّ" اسم فعل أمر بمعنى أحضروا، وزعم سيبويه أنها "ها" ضمت إليها "لُمَّ" وجعلتا كالكلمة الواحدة، وفيها لغتان: لغة أهل الحجاز حيث تستعمل بصيغة واحدة سواء أسندت لمفرد أم مثنى أم مجموع أم مؤنث، وأما لغة تميم فتلحقها الضمائر كما تلحق سائر الأفعال فتقول: هلما وهلموا وهلمي.
ولغة أهل الحجاز أكثر استعمالًا ومنه قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزَاب: ١٨].
[معاني القرآن للزجاج (٢/ ٣٠٣)، إعراب القرآن للنحاس (٢/ ٥٩٠)، الدر المصون (٥/ ٢١١)].
(٢) أي: أنَّ الأَشُدَّ جمع شَدٍّ، كما الأَضُرُّ جمعُ ضَرٍّ، وكما الأَشُرُّ جمع شَرٍّ، والشَّدُّ: القوة، وهو استحكام قوة شبابه وسِنِّه كما يطلق شَدُّ النهار على ارتفاعه وامتداده كقول عنترة:
عهدي به شَدَّ النهارِ كأنَّما ... خُضِبَ اللَّبانُ ورأسُهُ بالعِظْلِمِ
[تفسير الطبري (٩/ ٦٦٣)، ديوان عنترة (ص١٢٧)].

<<  <  ج: ص:  >  >>