للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالله أولى بكل واحد من الغني والفقير وهو يأمركم بالشهادة عليهما، أي: لا يحملنكم موالاتكم إياهما عن كتمان الشهادة؛ فإن من هو أولى منكم بما يأمركم بأدائها ويحتمل أن الكناية راجعة إلى المشهود عليه والمشهود له وتقديره فالله أولى به وبخصمه {أَنْ تَعْدِلُوا} لتعدلوا (١) وتقسطوا عند الزجاج والفراء (٢)، وقال ابن جرير: هذا من العدول فيكون ترجمة لاتباع الهوى.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} أي: آمنوا ببعض آمنوا بالكل لما تتلوه، وقيل: آمنوا بالنعت آمنوا بالمنعوت كقوله {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: ٨٩] وقيل: آمنوا وجه النهار وآمنوا آخره لقوله:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} به (٣) وقيل: آمنوا بألسنتكم آمنوا بقلوبكم لقوله: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ} [النساء: ١٤٠] وقيل: آمنوا فيما مضى وفي الحال وذاقوا على الإيمان في المستقبل لقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة: ٦] وقيل: آمنوا بألسنتهم أخلصوا بعقائدهم تحققوا في الإيمان بدوام مراقبتكم وتهذيب خواطركم لقوله -عليه السلام- لحارثة: "كيف أصبحت؟ " قال: أصبحت مؤمنًا حقًا ... (٤) الخبر.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} عن قتادة: أنها نزلت في أهل الكتاب (٥)، وعن الحسن: في الذين آمنوا وجه النهار وكفروا آخره (٦)، وعن مجاهد وابن زيد: نزلت في المنافقين (٧)، وهذا أصح لأنهم تردّدوا في أمرهم وأصرّوا


(١) (لتعدلوا) ليست في "ب".
(٢) ذكره الزجاج في (معاني القرآن) (٢/ ١١٨)، والفراء في (معاني القرآن) (١/ ٢٩١).
(٣) (به) من الأصل.
(٤) رواه عبد بن حميد (٤٤٥)، والطبراني في الكبير (٣٣٦٧)، وابن أبي شيبة (٣٠٤٢٥) بسند ضعيف، وروي عن أنس وأبي هريرة بسند ضعيف أيضًا.
(٥) رواه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ١٧٦)، وابن جرير (٧/ ٥٩٧).
(٦) عزاه ابن الجوزي في "زاد المسير" (٢/ ٢٢٥) للحسن.
(٧) أما عن ابن زيد فعند ابن جرير (٧/ ٥٩٨).
وأما عن مجاهد فعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٧٧) لابن المنذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>