للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي بها يتسلطون على من هو أقوى منهم، {وَفَضَّلْنَاهُمْ} في كونهم مستأهلين لدين الإسلام مدعوين إلى دار السلام بخلاف الشياطين والأنعام.

{يَوْمَ} نصب على الظرف (١)، {بِإِمَامِهِمْ} تقدمهم وداعيهم إلى الخير والشر يدلّ عليه ظاهر الخطاب وقوله: {أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [هود: ٦٠]، {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦]، وقيل: الإمام ما أسلفه كل إنسان في كتابه يدل عليه فحوى الآية، وقوله: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: ٣٠]، {وَلَا يُظْلَمُونَ} معطوف على {يَوْمَ نَدْعُو}.

{فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} إنما جاء التفضيل على لفظة أعمى عند الفراء بخلاف التفضيل في الألوان؛ لأنّ المراد به عمى القلب (٢) وعمى القلب من فعل الإنسان بغفلته يجوز أن يقال: فلان أعمى من فلان في القلب ولا يجوز في العين، وقال بعض النحويين: كل نعت على أفعل والفعل منه ثلاثي عار عن الزيادات الملحقة بالتفصيل فيه على لفظة أفعل جائز، تقول: عمي وزرق (٣) وعشي فهو أعمى وأزرق وأعشى (٤) من فلان، وأنكره (٥) الفراء (٦) لأن الكثرة في هذه الأفعال غير متصورة والتفضيل يكون (٧) بعد الكثرة كالمبالغة.

{وَإِنْ كَادُوا} بمعنى قد (٨) كقوله: {إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: ٩]


(١) قاله ابن عطية والحوفي والنحاس وجعلوا العامل فيه "فضلناهم" لكن الزجاج قال: إنه منصوب
بـ"ثم لا تجدوا"، وذهب أبو القاء العكبري إلى أنه منصوب بما دلّ عليه وهو "لا يظلمون".
[الإملاء (٢/ ٩٤)، البحر (٦/ ٦٢)، معاني القرآن للزجاج (٣/ ٢٥٢)، إعراب القرآن للنحاس (٣/ ٢٥٢)].
(٢) في "ب": (القلوب).
(٣) في "ب" "ي": (ورزق) بتقديم الراء على الزاي.
(٤) في الأصل: (وأعينى) وفي "ب": (وأعسى) وكلاهما خطأ.
(٥) في "أ": (نكرة).
(٦) ذكره الفراء في معانيه (٢/ ١٢٧) وفصل القول في ذلك.
(٧) (يكون) ليس في الأصل.
(٨) لم أجد من قال: إنَّ "إنْ" في هذه الآية بمعنى "قد" والمشهور فيها مذهبان: الأوّل: وهو مذهب البصريين: أنها مخففة، واللام فارقة بينها وبين "إنْ" النافية، =

<<  <  ج: ص:  >  >>