والحق أن السبب لا يكون قرينة في القطع بالدخول، وهذا لا يجوز أن يصير اللفظ نصا صريحا في بعض مسمياته لقرينة خارجية تتصل به (بالنسبة إليه وهو صار نصا فيه لقرينة الورود فيه لا من حيث الوضع، ودلالة العام إما أن تتحد) بالنسبة إلى مسمياته من حيث الوضع لا غير فلا منافاة بين كونه نصا صريحا في محل الورود وبين كونه عاما هذا ما ذهب إليه الشيخ الإمام، فقال: القطع بالدخول ينبغي أن يكون محله إذا دلت قرائن حالية أو مقالية على ذلك، أو على اللفظ العام يشمله بطريق الوضع لا محالة، وإلا فقد ينازع الخصم دخوله وضعا تحت اللفظ العام ويدعي أنه يقصد المتكلم بالعام إخراج السبب، وبيان أنه ليس بداخل في الحكم فإن للحنفية أن يقولوا في حديث عبد بن زمعة: أن قوله صلى الله عليه وسلم ((الولد للفراش)).
وإن ورد في الأمة فهو وارد لبيان حكم ذلك الولد، وبيان حكمه إما بالثبوت وإما الانتفاء فإذا ثبت أن الفراش هي الزوجة، لأنها الذي يتخذ لها الفراش غالبا، وقال: الولد للفراش، كان فيه حصر أن الولد للحرة ومقتضى ذلك لا يكون للأمة، فكان فيه بيان الحكمين جميعا، نفي السبب عن المسبب وإثباته لغيره، ولا يليق دعوى القطع والمقطوع به أنه لا بد من بيان حكم السبب، أما كونه بقطع دخوله في ذلك أو بخروجه عنه فلا يدل على تعيين واحد منهما، قال: وجميع ما تقدم في السبب وبقية الأفراد التي دل اللفظ العام بالوضع عليها وبين ذينك الشيئين رتبة متوسطة، فيقول: قد تنزل الآيات على الأسباب الخاصة، وتوضع كل واحدة منها ما يناسبها من الآية رعاية لنظم القرآن وحسن اتساقه فذلك الذي وضعت معه الآية النازلة على سبب خاص للمناسبة، إذا كان مسوقا لما نزل في معنى يدخل في ذلك اللفظ