للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لو قال الله تعالى {فاقتلوا المشركين} فقال النبي صلى الله عليه وسلم على الاتصال: ((إلا الذميين)) فهو منفصل وقيل: منقطعا، ونزلوا استثناء النبي صلى الله عليه وسلم منزلة الاستثناء المصرح به في كلام الله تعالى وجعلوه (١٠٥أ) متصلا، وكان ينبغي للمصنف تأخير هذا الخلاف عن ذكر الاتصال، وهو في ترجيح الأول متابع للهندي.

وقال القاضي أبو بكر في (التقريب): إنه الصحيح لكن مأخذه في ذلك البناء على ما رآه أن من شرط الكلام صدوره من ناطق واحد حتى لو قال القائل مثلا: زيد، فقال آخر: قائم لم يكن كلاما، وقد زيف ابن مالك هذه المقالة وقال: بل هو كلام، لاشتماله على حد الكلام، وليس اتحاد الناطق معتبرا، كما لم يجب اتحاد الكاتب معتبرا في كون الخط خطا، وللقاضي أن يمنع اشتماله على حد الكلام.

وقوله: (فإنه لو اصطلح رجلان إلى آخره) ليس مثله فإنه إذا كتب رجل (زيد) سمى هذا خطا، ولو لم يكتب معه غيره، بخلاف ما إذا قال: (زيد) فإنه ليس كلاما فافترقا، ثم ولو كتب مع زيد فاضل ونحوه من كاتب آخر يمتنع كون المجموع خطا، بل هما خطان بحسب الحقيقة، ثم قال: فإن قيل: لو كان كلاما لترتب عليه ما ترتب عليه من نطق الواحد من إقرار وتعديل وتجريح وقذف وغير ذلك وذلك منتف فبطل كونه كلاما يترتب عليه ما ترتب عليه من نطق الواحد وأجاب بأن انتفاء ترتيب الحكم على الكلام لا يمنع كونه كلاما، فإن بعض الكلام صريح وبعضه غير صريح فنطق المصطلحين، وإن كان كلاما فهو غير صحيح، لأن السامع لا يعلم ارتباط أحد جزئيه بالآخر، كما يعلم ذلك من نطق الواحد، فلذلك اختلفا في الحكم، وما ذكره من انتفاء ترتب الحكم عليه يوافقه ما في الرافعي لو

<<  <  ج: ص:  >  >>