والصواب أن محله إذا لم يعارضه عام آخر لم يقصد به المدح أو الذم. فإن عارضه يرجح الذي لم يسبق لذلك عليه بلا خلاف، قاله الشيخ أبو حامد، وابن السمعاني وغيرهما من أصحابنا وأطلق غيرهم الخلاف وطردوه في الحالتين، وحينئذ فيجتمع ثلاثة أقوال كما أشار إليه المصنف، ومثال المعارض قوله تعالى:{وأن تجمعوا بين الأختين} مع قوله تعالى {أو ما ملكت أيمانكم} فالأولى سيقت لبيان الحكم فقدمت على ما سياقها المنة بإباحة الوطء بملك اليمين، وبهذا رد الأصحاب على داود احتجاجه بالثانية على إباحة الأختين بملك اليمين.
وقال الشيخ عز الدين: ليس من هذا الباب العام المرتب على شرط تقدم ذكره بل يختص اتفاقا كقوله تعالى: {إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا} فالشرط المتقدم هو صلاح المخاطبين الحاضرين وصلاحهم لا يكون سببا للمغفرة لمن تقدم من الأمم قبلهم أو يأتي بعدهم، فإن قواعد الشرع تأبى ذلك، وأن صلاح كل أحد لا يتعداه لغفران غيره إلا أن يكون فيه سبب وههنا لا سبب فلا يتعدى فيتعين أن يكون المراد {فإنه كان للأوابين غفورا} فإن شرط الإجزاء لا يتعين جزاؤه على غيره، وهذه قاعدة لغوية شرعية، أما إذا لم يكن شرطا أمكن جريان الخلاف فيه.
تنبيه: هذه (٩٩أ) المسألة متكررة مع قوله أول الباب: وغير المقصودة فإن القاضي عبد الوهاب لما حكى الخلاف في تعميمها مثل بآية الزكاة ووافق عليه