البحث الثاني: أن قدماء الأصوليين أطلقوا تعميم النكرة المنفية من غير فرق واعترض عليهم القرافي بالنكرة المقترنة مع لا، فإن سيبويه نص على أنه يصح أن يقال: لا رجل في الدار بل رجلان، وقال ابن السيد: إذا قلت: لا رجل في الدار لا يعم لأنه جواب لمن قال: هل في الدار رجل واحد، فيقال له: لا رجل في الدار بل رجلان. بخلاف ما إذا بنيت مع لا، فإنه جواب لمن قال: هل من رجل في الدار، فكان سؤاله عن مطلق مفهوم الرجل فكان جوابه بعموم السلب وهذا الاعتراض مردود وكلام الأئمة على ظاهره، وهي عامة في كل مواردها، لكنه يتفاوت وبه يجمع بين كلام النحاة والأصوليين فإن بنيت على الفتح مثل لا إله إلا الله فالعموم فيها نص وإن لم تبن على الفتح فإن كانت في تقديره نحو: ما جاءني من رجل فكالأولى نحو: {وما من إله إلا الله}.
ولا خلاف في ذلك وإنما اختلفوا في أن العموم استفيد من دخول (من) أو كان موجودا قبلها، إن كانت عاملة عمل ليس نحو: لا رجل في الدار، فإنها مع الاسم تنصب الخبر فهذا موضع الخلاف الذي ظنه القرافي وليس كذلك، بل الصواب القطع بأنها للعموم، لكنه فيها بطريق الظهور لا النصوصية فيتطرق إليه التأويل وادعاء خلاف الظاهر ويساعد إطلاق الأصوليين على ذلك قول سيبويه الذي حكاه إمام الحرمين في معاني الحروف عنه.