للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

استغفروا (٥ هب عن عائشة) ".

(اللَّهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا) إذا فعلوا الحسنات (استبشروا) بتيسير الله لهم فعلها فإن من صفات المؤمن أنه من سرته حسنته كما يأتي من حديث أبي موسى والاستبشار بالحسنة من حيث أنه تعالى أجراها على يديه وأهله لها ومن حيث أنه يحبها ويحب فاعلها ومن حيث أنه يجازى عليها الجزاء الأوفى ومن حيث أنه امتثل أمر مولاه وخالقه ومن حيث أنها تقربه إلى بارئه ومن حيث أنها سبب لانبعاث النفس للإتيان بغيرها بهداية الله له فمن هذه الجهات كان الاستبشار بالحسنات من المطلوبات لله تعالى (وإذا أساءوا استغفروا) قد جعل الله ذلك من صفات المتقين الذين أعد لهم جنات عرضها السماوات والأرض فقال في صفاتهم: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: ١٣٥]، الآية وتقدم حديث: "إذا أسأت فأحسن" وقال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤].

إن قلت: هلا سأل الله أن يعصمه من الذنب [١/ ٤١٢] حتى لا يقع فلا يفتقر إلى تداركه بالاستغفار.

قلت: الدعاء تعليم للأمة وقد علم أن الله لم يعصم غير رسله وأن سائر الناس غير معصومين لقضاء حكمته تعالى بذلك فلا يجوز سؤال ما علم أنه تعالى قد قضى بخلافه فإن حكمته قد قضت بأنه يخطأ العبد تارة ويصيب أخرى وعليه حديث (١) "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم".

وأما سؤاله - صلى الله عليه وسلم - ذلك مع أنه معصوم لا يأتي بذنب فمن باب التأدب مع ربه كاستغفاره في اليوم سبعين مرة كما في حديث: "إنه ليغان على قلبي"، سيأتي (٥


(١) أخرجه مسلم (٢٧٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>