للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قام معاوية بالشام في مثل ذلك وكان أمير الشام إذ ذاك، وكان علي أرسل إليه أن يبايع له أهل الشام، فاعتلَّ بأن عثمان قتل مظلومًا، وأنها تجب المبادرة إلى الاقتصاص من قتلته، وإنه أقوى الناس على الطلب بذلك، والتمس من عليٍّ أن يمكنه منهم، ثم يبايع له بعد ذلك، وعلي يقول: ادخل فيما دخل فيه الناس وحاكمهم إليّ أحكم فيهم بالحق.

فلما طال الأمر خرج علي في أهل العراق طالبًا قتال أهل الشام، فخرج معاوية في أهل الشام قاصدًا لقتاله، فالتقيا بصفين (١)، فدامت الحرب بينهم


= أراني إلا سأقتل مظلومًا، وإن أكبر همي لديني … ".
ولم يكن علي حزينًا على الزبير فحسب بل حزينًا على كل من قتل يومها. كما أن عائشة تذكرت وهي في خضم الأحداث قول رسول الله لها: "كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب". تنوي الرجوع والعودة من لحظتها، وحزنت لما حدث. وكان الهدف هو الإصلاح وإحقاق الحق.
(١) الأسباب التي أدت إلى معركة صفين هي: إصرار معاوية ومن معه على ضرورة التعجيل في القصاص من قتلة عثمان ، وذلك ما كان يراه علي ، مثيرًا لفتنةٍ أخرى في ذلك الوقت الذي لم تستتب الأمور فيه بعد.
ولم يكن السبب في هذه المعركة هو منافسة معاوية لعلي على الخلافة، بل كان يقرّ ويعترف علنًا بأنَّ علي أولى منه بهذا الأمر.
- كما أخرج شيخ البخاري يحيى بن سليمان الجعفي في كتاب "صفين" عن أبي مسلم الخولاني أنه قال لمعاوية: أنت تنازع عليًا في الخلافة أو أنت مثله، قال: لا، وإني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلومًا وأنا ابن عمه ووليه أطلب بدمه؟ فأتوا عليًا فقولوا له يدفع لنا قتلة عثمان وأسلم له، فأتوا عليًا فكلموه فلم يدفعهم إليه".
[سير أعلام النبلاء (٣/ ١٤٠) وجوّد الحافظ إسناده في "الفتح" (١٣/ ٨٦)].
- وأخرج ابن عساكر (تاريخ دمشق ١٦/ ٣٦٠ أ) والطبري (٦/ ١٦١) عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي أنه قال: كان علي بالعراق يدعى أمير المؤمنين، وكان معاوية بالشام يدعى الأمير، فلما مات علي دعي معاوية بالشام أمير المؤمنين. إسناده حسن.
وهذه الشهادة من سعيد بن عبد العزيز تقطع الطريق على كل الروايات المكذوبة التي رواها الهالك أبو مخنف، وخاصة إذا علمت أن سعيد بن عبد العزيز التنوخي أعلم الناس بأمر الشام. [راجع: تهذيب التهذيب (٤/ ٦٠)].
وهذا يؤكد إجماع الأمة على إمامة علي شاميهم وعراقيهم وحجازيهم، ولكن أهل الشام عاهدوا معاوية على الأخذ بحق الخليفة المظلوم عثمان ، والقصاص من =

<<  <  ج: ص:  >  >>