"التوسل بقبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته"، وذكر برهانه على هذا العنوان الغريب، فقال: قال الإمام الحافظ الدارمي في كتابه "السنن": باب ما أكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بعد موته.
حدثنا أبو النعمان، حدثنا سعيد بن زيد، حدثنا عمرو بن مالك البكري١ حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال: قحط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلى عائشة فقالت: انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كواً إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا. فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل (تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق، ومعنى كواً أي: نافذة) اهـ. "سنن الدارمي"(ج ١ص ٤٣) . انتهى ما نقله صاحب المفاهيم.
ووضعه (تفتقت من الشحم ... ) إلخ بين أقواس من تصرفه، وإخلاله بالنقل السليم، فإن اللفظ في "سنن الدارمي"(١/٤٣) هكذا: "وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسُمِّي عام الفتق" اهـ، هذه عبارة سنن الدارمي، فتصرفه مذموم، وزاد على الأثر قوله: ومعنى كواً أي نافذة، وهذه ليست في سنن الدارمي التي نص على النقل عنها. وهذه الأثر ضعيف جداً لا حجة فيه، لأوجه:
الأول: أن راويه عمرو بن مالك النكري ضعيف بمرة، قال ابن عدي في "الكامل"(٥/١٧٩٩) : "منكر الحديث عن الثقات، ويسرق الحديث، سمعت أبا يعلى يقول: عمرو بن مالك النكري: كان ضعيفاً"، ثم قال بعد أن ساق أحاديث:"ولعمرو غير ما ذكرت أحاديث مناكير" اهـ، وقال ابن حبان:"يخطئ ويغرب" اهـ.