للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولهم: سنوات، وهو جمع قلّة يشبه مفرده، فى أن التصغير يلحقه كما يلحقه.

والوجه عندى في تعليل ذلك أنهم إنما استجازوا أن يقولوا فى جمع سنة:

سنون، ولم يستجيزوا أن يقولوا فى جمع أمة: إمون؛ لأن تأنيث سنة وثبة ونظائرهما غير حقيقى، وتأنيث أمة حقيقيّ، لا فرق بينه وبين تأنيث امرأة، وإذا كانت هند، وتأنيثها غير تأنيث أمة، لخلوّها من علامة تأنيث، أبوا أن يقولوا فى جمعها:

هندون، فكيف يجوز أن يقال فى جمع أمة: إمون، وإذا كان طلحة، وهو اسم رجل، لم يقولوا فى جمعه: طلحتون ولا طلحون، فكيف يجوز فى أمة، وهو اسم واقع على امرأة، فهو مؤنّث لفظا ومعنى، أن يجمعوه بالواو والنون، فيجامع التأنيث الحقيقيّ علامة التذكير؟ ألا ترى أنه يجوز أن يقال: خرج السّنة، ولا يقال: خرج الأمة، إلا فى حال اضطرار مع الفصل، كما قال:

/*لقد ولد الأخيطل أمّ سوء (١) ... *

فكلّ ما جمعوه بالواو والنون من المنقوصات المؤنّثة، وغير المنقوصات، كأرض وحرّة، والحرّة: الأرض التى بها حجارة سود، وإنما استجازوا فيه ذلك؛ لأن تأنيثه غير حقيقىّ، ثم إنهم غيّروا فى الجمع لفظ شيء من هذا القبيل، بتغيير حركة أو زيادة حركة، أو زيادة حرف، ليقرب بذلك من جمع التكسير، فالذى غيّروا حركته سنة وقلة وثبة، كسروا أوائلهنّ فى الجمع.

وأما قولهم في جمع أرض: أرضون؛ فلأنهم نزّلوا تاء التأنيث (٢) منزلة الحرف الأصلي، ففتحوا عينها فى الجمع، وكان التغيير بفتح أوسطها أحسن من تغيير حركة


(١) تمامه: على باب استها صلب وشام وهو لجرير. ديوانه ص ٢٨٣، ومعجم الشواهد ص ٣٥١، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس المتمّ الستّين.
(٢) وذلك لأن «أرض» مؤنثة، فكأنّ فيها هاء مرادة، وكأنّ تقديرها «أرضة». انظر الإحالة الآتية على سرّ صناعة الإعراب.