للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه المنقوصات أن تكون أعينها سواكن، حتى يقوم دليل على الحركة، من حيث كان السّكون هو الأصل، والحركة طارئة، قالوا: وليس ظهور الحركة فى قولنا:

«دميان» دليلا على أن العين متحرّكة فى الأصل، لأنّ الاسم إذا حذفت لامه واستمرّت حركات الإعراب على عينه، ثم أعيدت اللام فى بعض تصاريف الكلمة، ألزموا العين الحركة، لإلفهم الحركة فيها، إذا قالوا: دم ودما وبدم.

وقال من (١) خالف أصحاب هذا القول: أصل دم: دمى، فعل مفتوح العين، لأنّ بعض العرب قلبوا لامه ألفا، فألحقوه بباب رحا، فقالوا: هذا دما (٢) وبدما، وأنشدوا:

كأطوم فقدت برغزها ... أعقبتها الغبس منه عدما (٣)

غفلت ثم أتت تطلبه ... فإذا هى بعظام ودما


(١) هو أبو العباس المبرد. المقتضب ١/ ٢٣١،٣/ ١٥٣، وتبعه أبو بكر بن السراج فى الأصول ٣/ ٣٢٣ - وفى المطبوع منه «فعل» بسكون العين، وهو خطأ. هذا ومما ينبغى التنبيه عليه أن عبارة ابن السّراج فى الأصول قد توهم بظاهرها مخالفة للمبرد، وجاءت عبارة ابن هشام فى شرح بانت سعاد مقوية لهذا التوهّم، ممّا جعل البغدادىّ يقول فى حاشيته: «ظاهره أنه ردّ لما ادّعاه المبرد، وليس كذلك، وإنما ردّ دليله فقط». وهكذا يكون فقه النصوص، والبصر بعبارات الأقدمين، والتنبه لمراميهم البعيدة. ورحم الله البغدادىّ رحمة واسعة سابغة.
(٢) فى الأصل، والخزانة ٧/ ٤٨٦ - عن ابن الشجرى: «هذا دم ودما»، وأثبتّ ما فى هـ‍، وهو الصواب الذى يقتضيه الإلحاق بباب «رحا» والمراد أنه مقصور يعرب بالألف على كلّ حال. والرحى تكتب بالياء والألف، على ما يرى الفراء وابن السّكّيت، وابن ولاّد يرى أنها تكتب بالياء ليس غير. راجع المنقوص والممدود ص ٣١، وحروف الممدود والمقصور ص ١١٧، والمقصور والممدود ص ٤٦.
(٣) مجالس العلماء ص ٣٢٦، والجمهرة ٣/ ٤٨٤، والمنصف ٢/ ١٤٨، ورسالة الملائكة ص ١٦٤، والمخصص ٦/ ٩٣،٨/ ٣٨، وشرح المفصل ٥/ ٨٤، وشرح الملوكى ص ٤١٥، وتذكرة النحاة ص ١٤٢، والهمع ١/ ٣٩، والأشباه والنظائر ٣/ ٤٠، والخزانة ٧/ ٤٩١،٤٩٣، استطرادا- وحاشية البغدادى على شرح بانت سعاد ١/ ٧٤٤، واللسان (برغز-أطم). وانظر الموضع السابق من العضديات. وقوله: «فإذا هى» يأتى شاهدا على إسكان الياء من «هى» ضرورة-والبيت من بحر الرمل-لأن هذه الياء يلزمها الحركة، وليست كياء «عليه» و «إليه» لأن هذه لا يلزمها الحركة، فيجوز حذفها للاستغناء بالكسرة عنها. قاله القيسىّ فى إيضاح شواهد الإيضاح ص ٣٩٢. -