للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهب بقوله: «أىّ فتى» مذهب النفى، أى ليس فى الناس فتى أحرزه من حتفه ظلم، فلذلك عطف عليه بالنفى، فقال: ولا جبل، وهذا كقولك لمن أكرمته فجحد إكرامك له، أو قابله بقبيح: أىّ إنسان يكرمك بعد هذا؟ تريد:

لا يكرمك إنسان. وفيها:

أقول لمّا أتاني الناعيان به ... لا يبعد الرّمح ذو النّصلين والرّجل (١)

قوله: «به» أى بنعيّه، فحذفه لدلالة قوله: «الناعيان» عليه.

وقوله: «ذو النّصلين» شبّهه بالرّمح الذى له نصل وزجّ، فسمّى الزّجّ نصلا، وإنما الزّجّ الذى يكون فى أسفل الرمح، فغلّب النّصل على الزّجّ، لأن العمل للنّصل، وإذا كان/للرمح زجّ، كان أمكن للطّعن به.

وقوله: «والرجل» أراد: والرجل فى الشجاعة والعقل (٢). وبعد هذا البيت:

ربّاء شمّاء لا يدنو (٣) ... لقلّتها

إلاّ السّحاب وإلاّ الأوب والسّبل

أراد أنه يكون ربيئة فى قلّة جبل أشمّ شامخ.

والأوب: جماعة (٤) النّحل، وقيل: الأوب: الرّيح.


(١) ص ١٢٨٤.
(٢) بهامش الأصل: لعله والفعل.
(٣) فى هـ‍: «يأوى». وما فى الأصل هو رواية أبى عمرو، كما فى شرح أشعار الهذليين. وقوله «شماء» ضبطت فى الأصل بفتح الهمزة، وهو حقّ الضبط وصوابه، وأحسن الله إلى كاتب هذه النسخة وجزاه خيرا، فقد ضبطت الهمزة بالضم فى شرح أشعار الهذليين، وكثير من مراجع تخريج البيت، وقد علقت عليها فى كتاب الشعر ص ٣٩٣ بأن «شماء» مخفوض بإضافة «ربّاء» إليه، والفتحة علامة الخفض لأنه لا ينصرف، وهمزته للتأنيث. و «رباء» صيغة مبالغة، وهو الربيئة، العين والطليعة.
(٤) فى شرح أشعار الهذليين: الأوب: رجوع النحل. وفى اللسان (أوب): الأوب: النحل، وهو اسم جمع، كأن الواحد آئب. . . وقال أبو حنيفة: سمّيت أوبا لإيابها إلى المباءة، قال: وهى لا تزال فى مسارحها ذاهبة وراجعة، حتى إذا جنح الليل آبت كلّها حتى لا يتخلف منها شيء.