للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالتقدير: كأنّها ظبية، ومن خفض، فبالكاف، «وأن» زائدة.

وإذا اتصلت إنّ وأنّ ولكنّ وكأنّ، بياء المتكلّم، وصلوها بالنون المسمّاة وقاية، بمعنى أنها تقى الحرف الذى قبلها الكسر، فقالوا: إنّنى وأنّنى ولكنّنى وكأنّنى، وأجروا أواخرهنّ مجرى أواخر الأفعال، من نحو: أكرمنى ويكرمنى، وإنما فعلوا ذلك بالفعل كراهة أن يقولوا: أكرمى ويكرمي، كما قالوا فى الاسم:

مكرمي، لأنهم لما جنّبوا الأفعال الكسر، الذى هو إعراب، جنّبوها الكسر الذى ليس بإعراب، وشبّهوا أواخر باب «إنّ» بأواخر الماضية، في بنائها على الفتح ووقائها الكسر، لأنهم أجروها مجراها فى عمل النصب والرفع.

ومن خفّفهنّ بحذف إحدى النّونات، فقال: إنّى وأنّى ولكنّى وكأنّى، حذف النون الوسطى، لأنها هى التى حذفها قبل أن يتّصلن بالنون الثالثة (١)، وجاء القرآن بإقرارها فى قوله: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ} (٢) وبحذفها فى قوله: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} (٣).

/وممّا حذفوا منه من مضاعف الحروف «ربّ» قال الشاعر (٤):

أزهير إن يشب القذال فإنّه ... رب هيضل لجب لففت بهيضل


(١) بهامش الأصل: «أجاز أبو علىّ حذف النون الثالثة، فيما رواه عنه ابن جنى فى سرّ الصناعة، وذكره ابن برهان أيضا عنه». انتهت الحاشية. والذى وجدته فى سرّ الصناعة المطبوع ص ٥٤٩ «الثانية»، وسياقه يدل على صوابها، قال: «فأصله «إننا» ولكن حذفت إحدى النونين من «إنّ» تخفيفا، وينبغى أن تكون الثانية منهما؛ لأنها طرف، فهى أضعف». ولا تعارض بين ما فى حاشية الأصل، وما فى سرّ الصناعة المطبوع؛ لأن كليهما أراد النون الأخيرة، وهى الطرف، غاية ما فى الأمر أن كاتب الحاشية نظر إلى النون الأولى المشددة على أنها نونان. وهى فى سر الصناعة نون واحدة. لكن السيوطى ذكر أن أبا علىّ رجّح حذف النون الوسطى، دون نون الضمير. راجع الأشباه والنظائر ١/ ٨٠، ثم انظر البحر المحبط ١/ ٤٥١، ٥/ ٢٣٨، وكتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم ١/ ٤٢٣، ورحم الله مصنفه رحمة واسعة سابغة.
(٢) سورة طه ١٤.
(٣) سورة طه ١٢.
(٤) أبو كبير الهذلى. شرح أشعار الهذليين ص ١٠٧٠، والتخريج فيه، وفى كتاب الشعر ص ٧٣. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والسبعين. و «زهير» هنا ترخيم «زهيرة» وهي ابنته. ويجوز فى الراء الضم والفتح، على ما هو معروف فى إعراب المرخم.