للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصار طوله عوضا منها، كما حذفت من جواب {وَالشَّمْسِ وَضُحاها} (١) وهو قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها} وقيل: إنّ الجواب قوله: {إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ} (٢) وهذا قول ضعيف (٣) جدّا، لبعد ما بينه وبين القسم، ولأنّ الإشارة بقوله:

{ذلِكَ} متوجّهة إلى ما يكون من التّلاوم والتّخاصم بين أهل النار/يوم القيامة، وذكر تلاومهم متأخّر عن القسم، والذى يقتضيه صواب الكلام أن تعود الإشارة إلى شيء سابق، نحو أن توجب شيئا قد جرى قبل القسم، فتقول: والله لقد فعلت ذلك، فتتوجّه الإشارة إلى ما تقدّم ذكره، أو تنكر شيئا فتقول: والله ما فعلت ذلك.

فالقول الأوّل فى تقدير الجواب هو الوجه.

وقد يجمعون بين القسم والشّرط، فيحذفون جواب أحدهما، لدلالة المذكور على المحذوف، فإن قدّموا القسم حذفوا جواب الشّرط، وإن قدّموا الشّرط حذفوا جواب القسم، فمثال تقديم الشّرط، قولك: إن زرتنى والله أكرمتك، ومثال تقديم القسم، قولك: والله إن زرتنى لأكرمنّك، وقد يدخلون على حرف الشّرط اللام، مزيدة مفتوحة، مؤذنة بالقسم، فيغلّبون بها القسم على الشرط، وإن لم يذكروا القسم، كقولك: لئن زرتنى لأكرمنّك، ومثله فى التنزيل: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ} (٤) وأمّا


(١) سورة والشمس ١،٩.
(٢) سورة ص ٦٤، وهذا القول يعزى إلى الكسائى، كما ذكر ابن الجوزى، فى زاد المسير، ونسبه أبو حيان للكوفيين والزجاج. البحر ٧/ ٣٨٣، وهو كما قال فى معانى القرآن للزجاج ٤/ ٣١٩، وحكى القول السابق أن الجواب هو قوله تعالى كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ.
(٣) سبق إلى هذا التضعيف الفراء، قال فى الموضع السابق من المعانى: «وذلك كلام قد تأخر تأخرا كثيرا عن قوله: وَالْقُرْآنِ وجرت بينهما قصص مختلفة، فلا نجد ذلك مستقيما فى العربية. والله أعلم». وضعّفه ابن الأنبارى أيضا، على ما فى تفسير القرطبى ١٥/ ١٤٤، وانظر المغنى ص ٦٤٦.
(٤) سورة الحشر ١٢.