للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللألف عليهما مزيّة، بوقوع الساكن غير المدغم بعدها، فى قراءة من قرأ {مَحْيايَ وَمَماتِي} (١) بسكون الياء من {مَحْيايَ} وإذا صحّ وقوع الساكن غير المدغم بعدها، فوقوع المدغم أصحّ وأمكن، كقولهم: دابّة وشابّة (٢)، فلذلك جاز أن تخفّف الهمزة بعدها بين بين، كما تخفّف بعد الحرف الصّحيح، إذا تحرّك فى نحو ما مثّلته لك من قولهم: سأل ولؤم وسئم، فإذا خفّفتها مفتوحة بعد الألف، جعلتها بين الهمزة والألف، وإذا خفّفتها مضمومة بعدها، جعلتها بين الهمزة والواو الساكنة، وإذا خفّفتها مكسورة بعدها، جعلتها بين الهمزة والياء الساكنة، فالأولى فى نحو: تساءلنا، والثانية فى نحو: التّساؤل، والثالثة فى نحو: المسائل.

وقال سيبويه (٣) فى هذا الفصل: واعلم أنه لا يجوز أن تجعل الهمزة بين بين إلاّ فى موضع لو كان فيه ساكن جاز، إلاّ الألف وحدها، لأنك تجيز ذلك فيها، لأن الألف يكون بعدها الساكن.

فقوله: لا يجوز أن تجعل الهمزة بين بين إلاّ فى موضع لو كان فيه ساكن جاز، معناه أنك لا تخفّفها إلا بعد متحرّك، ولا تخفّفها بين بين بعد ساكن، لأن الساكن لا يجتمع مع الساكن، وكذلك لا يجتمع مع ما قرّب إلى الساكن، ثم استثنى الألف من السّواكن، لأن الساكن يقع بعدها، كما يقع بعد المتحرّك.

فاعرف ما ذكرته فى هذا الفصل، فإنه فى كلام أبى عليّ أغمض منه فى كلام سيبويه.

...


(١) سورة الأنعام ١٦٢، ورويت هذه القراءة عن نافع، من رواية قالون، وأبى جعفر. السبعة ص ٢٧٥، والكشف ١/ ٤٥٩، وزاد المسير ٣/ ١٦١، والإتحاف ٢/ ٤٠.
(٢) راجع الموضع المذكور من سر صناعة الإعراب.
(٣) الكتاب ٣/ ٥٤٥،٥٤٦، باختلاف يسير.