للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خبر موجب، يراد به النّفى، أى ما هذا حقّ، فلذلك قال: {وَجَحَدُوا بِها} أى نفوها وهم يعلمون أنها من عند الله.

ومن العلماء بالعربيّة من لا يفرّق بين النّفى والجحد، والأصل فيه ما ذكرت لك.

وقد ورد الخبر والمراد به الأمر، فمن ذلك فى التنزيل قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (١) وقوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} (٢) فظاهر هذا الكلام خبر إلا أنّ علماء المسلمين اتّفقوا على أن النساء عليهنّ أن يعتددن لطلاقهنّ ثلاثة أقراء، إذا كان الحيض موجودا، وأن يتربّصن بأنفسهنّ إذا توفّى عنهنّ أزواجهنّ أربعة أشهر وعشرا، فعلم بإجماع علماء المسلمين أن المراد بذلك الأمر.

وممّا يدخل فى هذا المعنى باتفاق أهل الإسلام قوله جلّ وعز: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ} (٣) وقوله: {وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} (٤) وقوله: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (٥) فالهدى أو ما ذكر معه متّفق على أنه واجب على المتمتّع الذى وصفه الله بما وصفه، وكذلك العدّة من الأيام الأخر، متّفق على أنها واجبة على من أفطر إذا كان مريضا أو على سفر، والفدية من الصّيام أو الصدقة أو النّسك واجبة على من كان


(١) سورة البقرة ٢٢٨.
(٢) سورة البقرة ٢٣٤.
(٣) سورة البقرة ١٩٦.
(٤) سورة البقرة ١٨٥.
(٥) سورة البقرة ١٩٦.